المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٥٨
فيكون موجبا للضمان وأما الغصب بعد الغصب فلا يتحقق. قال رضي الله عنه والأصح عندي انه لا فرق في الفصلين عند أبي حنيفة رحمه الله فإنه كما لم يذكر الخلاف ثمة لم يذكر هنا قال وقد رأيت في بعض النوادر بيان الخلاف في الشاة إذا ذبحها الغاصب وأكلها بعد الزيادة انه لا يضمن قيمتها زائدة وهذا لما بينا أن السبب إنما يعتبر إذ كان مفيدا وحكم الاستهلاك في الدواب وحكم الغاصب سواء لأنه يوجب الضمان على المستهلك حالا ويملك المضمون به فالاستهلاك وان تحقق فلا فائدة في اعتباره في حق الأصل بخلاف القتل في الآدمي فان حكم ضمان القتل مخالف لحكم ضمان الغصب فكان اعتبار السبب الثاني مفيدا وهذا بخلاف صيد الحرم إذا باعها وسلمها بعد الزيادة لأنا نثبت بهذا الكلام ان البيع والتسليم لا يكون سببا للضمان بعد الغصب وهناك الزيادة كانت مضمونة عليه قبل هذا الا ان تصير مضمونة بالبيع والتسليم * وان اختار المغصوب منه تضمين المشترى بطل البيع ورجع بالثمن علي الغاصب لان استرداد القيمة منه كاسترداد العين ولان ملك العين لم يسلم للمشترى بالبيع وإنما سلم له بضمان القيمة فلا يسلم الثمن للبائع أيضا فلهذا استرد الثمن من البائع (رجل) غصب جارية فولدت عنده ثم مات الولد فعلى الغاصب رد الجارية مع نقصان الولادة لان ما دخلت في ضمانه بجميع أجزائها وقد فات جزء مضمون منها ولو فاتت كلها ضمن الغاصب قيمتها والجزء معتبر بالكل وإن كان الولد حيا فعليه رد هما لان الولد جزء من لأصل فيكون مملوكا لمالك لأصل ومؤنة الرد في الولد على الغاصب وإن لم يكن مضمونا عليه كمؤنة الرد في المستعار على المستعير وإن لم يكن مضمونا عليه فإذا ردهما وفى قيمة الولد وفاء بنقصان الولادة لم يضمن الغاصب من نقصان الولادة شيئا عندنا وقال زفر رحمه الله هو ضامن لذلك وإن لم يكن في قيمة الولد وفاء بالنقصان فهو ضامن لما زاد علي قيمة الولد من النقصان عندنا وعند زفر هو ضامن لجميع النقصان لان ضمان النقصان واجب عليه بفوات جزء مضمون منها فلا يسقط الا بالأداء أو الابراء ممن له الحق وقد انعدم الاسقاط ممن له الحق وهو برد لولد لا يكون مؤد يا للضمان لان الولد ملك المضمون له وأداء الضمان يملك غير المضمون له لأن الضمان لجبران ما فات عليه وملكه لا يكون جابرا لملكه ولا يجوز ن يكون الولد قائما مقام الجزء الفائت بالولادة لان الولد أمانة في يده والفائت مضمون عليه فكيف تكون الأمانة خلفا عن المضمون (ألا ترى) انه لو دخلها عيب آخر في يده وفى
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست