المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٥٥
به الريح وألفته في حجره وهذا بخلاف الاستيلاء الموجب للملك لان الملك حكم مقصود على المحل فيتم سببه باثبات اليد على المحل والضمان جبران لحق المالك فلا يتم سببه الا بتفويت شئ عليه وبخلاف ضمان صيد الحرم لان ذلك ضمان اتلاف معنى الصيدية فيه فإنه بالحرم أمن الصيد ومعنى الصيدية في تنفيره واستيحاشه وبعده عن الأيدي فاثبات اليد عليه يكون اتلافا لمعنى الصيدية فيه حكما وقد تحقق ذلك في الولد باثبات اليد عليه. فأما الأموال فمحفوظة بالأيدي فلا يكون اثبات اليد علي المال اتلافا لشئ على المالك * يوضح الفرق أن الحق في صيد الحرم للشرع والشرع يطالبه برد الأصل مع ولده إلى مأمنه فإنما وجد المنع منه بعد الطلب وذلك سبب الضمان. وعلي هذا الطريق يقول إذا هلك الولد قبل تمكنه من الرد إلى الحرم لا يضمن وعلي الطريق الأول هو ضامن ولا وجه لاثبات حكم الضمان في الزيادة بتولدها من الأصل المضمون لأن الضمان ليس في العين بل هو في ذمة الغاصب وإنما توصف العين به مجازا كما يقال فلان مغصوب عليه والغصب صفة للغاصب بخلاف الملك لأنه وصف للمحل فإنه يوصف بأنه مملوكه حقيقة فيتعدى ذلك إلى الولد وان باع الغاصب الولد وسمله أو أتلفه فهو ضامن لقيمته لوجود التعدي منه على الأمانة كما لو باع المودع الوديعة (فان قيل) فليس في البيع والتسليم تفويت يد المالك في الولد (قلنا) بل فيه تفويت يده لأنه كان متمكنا من أخذه من الغاصب وقد زال ذلك ببيعه وتسليمه فلوجود التفويت من هذا الوجه يكون ضامنا فأما الزيادة المتصلة فهي أمانة في يد الغاصب عندنا حتى لو هلكت الجارية بعد الزيادة ضمن قيمتها وقت الغصب ولا يضمن الزيادة وعند الشافعي رضى الله تعالى عنه مضمونة كالزيادة المنفصلة عنده ويزعم أن كلامه هنا أظهر فان الزيادة تصير مغصوبة بالوقوع في يد الغاصب ولان الزيادة لا تنفصل عن الأصل فمن ضرورة كون يده على الأصل يد غصب أن تكون على الزيادة يد غصب أيضا ولكنا نقول سبب وجوب الضمان في الأصل ليس هو يد الغصب بل اليد الغاصبة لان ليد الغصب حكم الغصب وإنما يحال بالضمان على أصل السبب لا على حكمه فأصل السبب اليد الغاصبة المفوتة ليد المالك ولم يوجد ذلك في الزيادة وان منعها بعد الطلب ففي احدى الروايتين الزيادة تصير مضمونة بالمنع لان قصر يد المالك عنها يثبت بالمنع وفى الرواية الأخرى لا تصير مضمونة لان المطالبة بالرد في حق الزيادة لا تتحقق منفردة عن الأصل إذ لا يتصور
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست