المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١١
ولها معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وترعي الشجر حتى يلقاها ربها وتأويله عندنا انه كان في الابتداء فان الغلبة في ذلك الوقت كأن لأهل الصلاح والخير لا نصل إليها يد خائنة إذا تركها واجدها فأما في زماننا لا يأمن واجدها وصول يد خائنة إليها بعده ففي اخذها احياؤها وحفظها على صاحبها فهو أولى من تضييعها كما قررنا في سائر اللقطات وإذا باع اللقطة بأمر القاضي لم يكن لصاحبها ذا حضر إلا الثمن كما لو باعها القاضي بنفسه وهذا لان البيع نفذ بولاية شرعية فهو كبيع ينفذ بإذن المالك وإن كان باعها بغير أمر القاضي فالبيع باطل لحصوله ممن لا ولاية له علي المالك بغير أمر معتبر شرعا ثم إن حضر صاحبها واللقطة قائمة في يد المشتري يخير بين أن يجيز البيع ويأخذ الثمن وبين أن يبطل ويأخذ عين ماله لان البيع كان موقوفا على اجازته كما لو كان حاضرا حين باعه غيره بغير أمره فإن كان قد هلكت اللقطة في يد المشترى فصاحبها بالخيار ان شاء ضمن البائع القيمة لوجود البيع والتسليم منه بغير إذنه وان شاء ضمن المشترى بقبضه ملكه بنفسه بغير رضاه فان ضمن البائع كان الثمن للبائع لأنه ملكه بالضمان فينفذ البيع من جهته ولكن يتصدق بما زاد على القيمة من الثمن لأنه حصل له بكسب خبيث فان قيل الضمان إنما يلزمه بالتسليم والبيع كان سابقا عليه كيف ينفذ البيع من جهته بأداء الضمان قلنا لا كذلك بل كما رفعه ليبعه بغير أمر القاضي صار ضامنا بمنزلة المودع يبيع الوديعة ثم يضمن قيمتها فان البيع ينفذ من جهته بهذا الطريق وهو انه كما رفعها إلى البيع صار ضامنا فيستند ملكه إلى تلك الحالة فان ضمن المشترى قيمتها رجع بالثمن على البائع لان استرداد القيمة منه كاسترداد العين فيبطل البيع به وليس له أن يجيز البيع بعد هلاك السلعة لان الإجازة في حقة بمنزلة ابتداء التمليك فلا يصح إلا في حاله بقاء المعقود عليه ولو كان المعقود عليه قائما في يده وقد قبض الملتقط الثمن وقد هلك في يده ثم أجاز البيع نفذ لقيام المعقود عليه وكان الملتقط أمينا في الثمن لان اجازته في الانتهاء كاذنه في الابتداء وإذا أخذ عبدا فجاء به إلى مولاه فقال هذا عبد آبق فقد وجب لي الجعل عليك وقال مولى العبد بل هو الضال أو قال أنا أرسلته في حاجة لي فالقول قول المولى لان الراد يدعي لنفسه عليه الجعل والمولى ينكر ذلك ولأنه يدعى ان ملكه تغيب بالإباق والمولى منكر لذلك فالقول قوله مع يمينه وإذا هلكت اللقطة عند الملتقط فهو على ثلاثة أوجه إن كان حين أخذها قال أخذتها لأردها على مالكها وأشهد على ذلك شاهدين فلا ضمان
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست