المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٢
عليه لأنه مأذون في أخذها للرد علي المالك مندوب إلى ذلك شرعا فكان هذا الاخذ نظير لاخذ بإذن المالك فلا يكون سببا للضمان وإن كان أخذها لنفسه وأقر بذلك فهو ضامن لها لأنه ممنوع من أخذها فكان متعديا في هذا الاخذ فيكون ضامنا كالغاصب والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم على اليد ما أخذت حتى ترد أي ضمان ما أخذ والآخذ مطلقا من يكون عاملا لنفسه وإن لم يكن أشهد عن الالتقاط ولكنه ادعى انه أخذها للرد ويدعى صاحبها ان أخذها لنفسه فعلى قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله القول قول صاحبها والملتقط ضامن وعند أبي يوسف رحمه الله القول قول الملتقط مع يمينه لوجهين (أحدهما) ان مطلق فعل المسلم محمول على ما يحل شرعا قال صلى الله عليه وسلم لا تظنن بكلمة خرجت من في أخيك سوأ وأنت تجد لها في الخير محملا والذي يحل له شرعا الاخذ للرد لا لنفسه فيحمل مطلق فعله عليه وهذا الدليل الشرعي قائم مقام الاشهاد منه (والثاني) ان صاحبها يدعى عليه سبب الضمان ووجوب القيمة في ذمته وهو منكر لذلك فالقول قوله كما لو ادعى عليه الغصب وهما يقولان كل حر عامل لنفسه ما لم يظهر منه ما يدل على أنه عامل لغيره ودليل كونه عاملا لغيره الاشهاد هنا فإذا تركه كان آخذا لنفسه باعتبار الظاهر هذا إذا وجدها في موضع يتمكن من الاشهاد فإن لم يكن متمكنا من الاشهاد لعدم من يشهد أو لخوفه على أن يأخذ منه ذلك ظالم فالقول قوله ولا ضمان عليه والثاني أن أخذ مال الغير بغير إذنه سبب موجب للضمان عليه إلا عند وجود الاذن شرعا والاذن شرعا مقيد بشرط الاشهاد عليه والاظهار فإذا ترك ذلك كان أخذه سببا للضمان عليه شرعا فلا يصدق في دعوى المسقط بعد ظهور سبب الضمان كمن أخذ مال الغير وهلك في يده ثم ادعى ان صاحبه أودعه لم يصدق في ذلك إلا بحجة وان قال قد التقطت لقطة أو ضالة أو قال عندي شئ فمن سمعتموه ينشد لقطة فدلوه على فلما جاء صاحبها قال قد هلكت فهو مصدق علي ذلك ولا ضمان عليه لأنه أظهرها بما قال وتبين ان أخذها للرد فكان أمينا فيها ولا يضره أن لا يسمى جنسها ولا صفتها في التعريف لأنه إنما امتنع من ذلك لتحقيق الحفظ على المالك كيلا يسمع انسان ذلك منه فيدعيها لنفسه ويخاصمه إلى قاض يرى الاستحقاق لمصيب العلامة فقد بينا ان في هذا اختلافا ظاهرا وما يرجع إلى تحقيق الحفظ على المالك لا يكون سببا للضمان عليه وكذلك لو وبعد لقطتين فقال من سمعتموه ينشد لقطة فدلوه على وإن لم يقل عندي لقطتان ثم هلكتا
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست