المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٢٨
استحسن فقال العبد غير محجور عن الاكتساب وتحصيل المنافع ألا ترى أنه يصح منه قبول الهبة والصدقة فإذا سلم من العمل نمحض ذلك العقد منفعة لأنه لو لم يسبق العقد لم يجب على المستعمل له شئ فلهذا أنفذنا ذلك العقد بخلاف ما إذا تلف لأنه لو نفذ العقد لم يكن للمولى حق تضمين المستأجر فيتضرر به فإذا ثبت نفوذ العقد عند سلامة العبد كان حق قبض الاجر إليه لأنه وجب بعقده بأخذها فيدفعها إلى المولى. وإباق المكاتب لا يبطل مكاتبته واذنه بخلاف إباق المأذون لان المولى يقدر على أن يحجر على المأذون ولا يستطيع أن يحجر على المكاتب ولان حق المكاتب في نفسه لازم ولهذا لا يملك المولى بيعه بخلاف المأذون * وحقيقة المعنى ان الإباق لا يتحقق من المكاتب فان له أن يخرج في الاكتساب إلى حيث يشاء وليس للمولى أن يمنعه من ذلك بخلاف المأذون فان للمولى أن يمنعه من الخروج فإذا خرج بغير إذنه كان فعله إباقا وبهذا الطريق لا جعل لراد المكاتب لأنه ليس بآبق بخلاف المأذون ولان الراد إنما يستوجب الجعل باحيائه مالية الرقبة برده وذلك لا يوجد في المكاتب فان حق المولى في بدل الكتابة في ذمته خاصة ولم يصر مشرفا على الهلاك بإباقه حتى يكون في الرد احياؤه بخلاف العبد لان مالية رقبته حق المولى وقد أشرف على التوى بإباقه فيكون الراد محييا له * ويجوز عتق الآبق عن الظهار إذا كان حيا لأنه باق على ملك المولى حقيقة فينفذ عنقه فيه على الوجه الذي ينفذ حال كونه في يده (فان قيل) الآبق في حكم المستهلك واعتاق المستهلك حكما عن الظهار لا يجوز كالأعمى (قفلنا) المستهلك منه حكما ماليته لا ذاته والكفارة إنما تتأدى بتحرير مبتدأ وذلك يرجع إلى الذات دون المالية فان الله تعالى قال لتحرير رقبة والرقبة اسم للذات حقيقة والذات المرقوق عرفا وليس في النص تعريض لصفة المالية ولهذا كان قليل القيمة وكثير القيمة في جواز التكفير به سواء بخلاف الأعمى فالمستهلك هناك الذوات حكما لفوات منفعة الجنس منه وبخلاف المدبر وأم الولد فعتقهما ليس بتحرير مبتدأ بل هذا من وجه تعجيل لما استحقاه مؤجلا ويجوز بيع الآبق ممن أخذه لان امتناع جواز بيعه من غيره لعجزه عن التسليم إليه ولا يوجد ذلك هنا لأنه بنفس العقد يصير مسلما إلى المشترى لقيام يده فيه فلهذا جاز بيعه منه وإذا أبق عبد الرهن فرده رجل في حياه الراهن أو بعد موته فهو رهن على حاله لان ماليته قد أشرفت على التوى بالإباق ثم قد حيى بالرد فهو كما لو أشرف على الهلاك ثم برئ فيكون
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست