المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٦٦
أن يفسر ذلك فلا حد على ما فسره بعد هذا لان الأربعة إذا شهدوا عليه بالزنا فسئلوا عن كيفيته وماهيته وقالوا لا نزيد لك على هذا لم تقبل شهادتهم لأنهم لم يبينوا مبهم كلامهم ولكن لا حد عليهم لتكامل عددهم فان تكامل عدد الشهود مانع من وجوب الحد عليه كما لو شهد عليه أربعة من الفساق بالزنا وكذلك أن وصف بعضهم دون بعض لان عددهم متكامل في أصل الشهادة عليه بالزنا وامتناع بعضهم عن البيان لا يكون رجوعا عن الشهادة ولكن يصير ذلك شبهة في حق المشهود عليه فلا يقام عليه الحد ولا يقام على الشهود أيضا كما في فسق الشهود (قال) أربعة شهدوا على رجل بالزنا بامرأة فشهد أربعة على الشهود انهم هم الذين زنوا بهما لا تقبل شهادة واحد منهم ولا يقام الحد للشبهة التي دخلت عند أبي حنيفة رحمه الله وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله يقام حد الزنا على الفريق الأول ولا شئ على المشهود عليه للأول لان الفريق الثاني عدول شهدوا على الفريق الأول بالزنا فوجب قبول شهادتهم وقد ثبت فسقهم لظهور زناهم بالحجة فتبطل شهادتهم على المشهود عليه الأول وبقيت الشبهة التي أشار إليها أبو حنيفة رحمهم الله تعالى ان قصد الفريق الثاني بهذه الشهادة إبطال شهادة الفريق الأول لأنهم حين لم يشهدوا إلى أن شهد الفريق الأول فاما أن يكونوا كاذبين قاصدين إلى ابطال شهادتهم أو كانوا صادقين ولكنهم اختاروا الستر فلما شهد الفريق الأول حملتهم الضغينة على الشهادة عليهم دون الحسبة ومثل هذه الشهادة لا تقبل كما لو شهدوا بالزنا بعد تقادم العهد ولان في لفظهم ما يدل على أن قصدهم المجازاة دون الحسبة فان في الشهادة بطريق الحسبة يقولون زنوا وهم زناة واما قولهم هم الذين زنوا يكون على طريق المجازاة ثم هذا يؤدى إلى التهاتر فربما يشهد فريق ثالث على الفريق الثاني بمثل ذلك ومثل هذا لا يجوز إقامة الحد به (قال) وان شهد ثلاثة نفر وامرأتان بالزنا لم تجز شهادتهم لحديث الزهري قال مضت السنة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين من بعده أن لا شهادة للنساء في حد الزنا فكانوا جميعا قذفة (قال) وان شهد أربعة علي شهادة أربعة على رجل بالزنا لا تجوز شهادتهم لان الشهادة على الشهادة فيها ضرب شبهة من حيث إن الكلام إذا تداولته الا لسنة تمكن فيه زيادة ونقصان ولان الشهادة على الشهادة بدل والابدال منصوبة للحاجة ولا تقام الحدود بمثله لأنها مبنية علي الدرء ولا حد على الفروع لأنهم ما نسبوا المشهود عليه إلى الزنا إنما حكوا شهادة الأصول بذلك والحاكي للقذف عن غيره لا يكون قاذفا فان قدم الأصول فشهدوا على شهادة أنفسهم على هذا
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست