المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٧١
الثلاثة في النصراني إذا أقيم عليه بعض الحد ثم أسلم على ما ذكر في الجامع الصغير (قال) وإذا أقيم على القاذف تسعة وسبعون سوطا ثم قذف آخر لم يضرب الا ذلك السوط الواحد لان مبني الحدود على التداخل والمغلب عندنا في حد القذف حق الله تعالى ولهذا لو قذف جماعة لا يقام عليه الا حد واحد عندنا على ما نبينه وقد اجتمع الحدان هنا لان كمال الحد الأول بالسوط الذي بقي فلهذا يدخل أحدهما في الآخر ولا يقام الا ذلك السوط توضيحه ان المقصود إظهار كذبه ليندفع به العار عن المقذوف وذلك يحصل في حقهما بإقامة السوط لأنه؟
يصير محكوما بكذبه وتسقط شهادته (قال) وضرب التعزير أشد من ضرب الزنا وضرب الزاني أشد من ضرب شارب الخمر وحد القذف أخف من جميع ذلك أما ضرب التعزير أشد لان المقصود به الزجر وقد دخله التخفيف من حيث نقصان العدد فلو قلنا بتخفيف الضرب أيضا فات ما هو المقصود لان الألم ما لم يخلص إليه لا ينزجر ولهذا قلنا يجرد في التعزير عن ثيابه ويعذر في إزار واحد واختلفوا في مقدار التعزير ففي ظاهر المذهب لا يبلغ التعزير أربعين سوطا وقد روى عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يجوز أن يبلغ التعزير خمسة وسبعين سوطا وهو قول ابن أبي ليلي رحمه الله تعالى والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين قال أبو يوسف رحمه الله تعالى المراد الحد الكامل وهو حد الأحرار وأدناه ثمانون جلدة فينقص التعزير من ذلك خمسة أسواط وقيل كان ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى يضرب بالخمسين مرة واحدة فنقص ضربة واحدة في التعزير وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى قال لا يزاد على تسعة وثلاثين سوطا لان الأربعين في حق العبد في القذف والشرب حد فنقص التعزير عنه بضربة واحدة وهذا بيان أقصى التعزيز فأما فيما دون ذلك الرأي إلى الامام يعزره بقدر ما يعلم أنه ينزجر به لان ذلك يختلف باختلاف أحوال الناس وباختلاف جرائمهم وروى بشر عن أبي يوسف رحمهما الله تعالى قال أقرب كل شئ من بابه فالتعزير في اللمس والقبلة بشهوة أقربه من الزنا والتعزير في الشبهة بغير الزنا أقربه من الشبهة بالزنا فاعتبر كل فرع بأصله فيما أقيم من التعزير ثم الضرب في الزنا أشد من الضرب في الشرب لان حد الزنا يتلى في القرآن وقد سيماه؟؟ الله تعالى عذابا بقوله تعالى وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين وقال تعالى لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله وحد الشرب لا يتلى في القرآن ولان المقصود هو الزجر ودعاء الطبع إلى الزنا عند
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست