المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٦٧
الرجل بالزنا لا تقبل شهادتهم لوجهين أحدهما ان العهد قد تطاول والثاني ان الحاكم حكم برد هذه الشهادة لان في الموضع الذي تقبل الشهادة على الشهادة تقبل شهادة الأصول أيضا ففي الموضع الذي ترد أيضا يتعدى رده إلى شهادة الأصول من وجه وذلك شبهة ولا حد على الشهود لتكامل عددهم ولأنا إنما لا نقيم الحد على المشهود عليه بنوع شبهة والشبهة تصلح لدرء الحد بها لا لايجاب الحد (قال) وان قال الشهود للرجل والمرأة في غير مجلس القاضي نشهد انكما زانيان وقدموهما إلى القاضي وشهدوا عليهما وقالا انهم قد قالوا لنا هذه المقالة قبل أن يرفعونا إليك ولنا بذلك بينة لم تقبل شهادتهما على ذلك ولم تسقط شهادتهم به وحد الرجل والمرأة لأنهم عدول (فان قيل) صاروا قاذفين لهما بالنسبة إلى الزنا في غير مجلس القاضي فكانوا متهمين في الشهادة من حيث إنهم قصدوا بها اسقاط الحد (قلنا) إنما كان كذلك لان تكامل العدد كما يمنع من أن يكون كلامهم قذفا في مجلس القاضي فكذلك في غير مجلسه ولان المقصود من فعلهما الندم معناه ان مقصود الشهود من هذه المقالة في غير مجلس القاضي انكما زانيان ليظهرا الندم ليستروا عليهما أو الاصرار ليشهدوا عليهما والشاهد مندوب إلى ذلك ولان كلامهم الأول موقوف فإذا اتصل به شهادتهم في مجلس القاضي لم يكن قذفا والا فحينئذ يكون قذفا (قال) وإذا شهدوا عليهما بالزنا فقال اثنان طاوعته وقال آخران استكرهها درئ الحد عنهما في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يحد الرجل وحده لهما ان الحجة في جانب الرجل تمت موجبة للحد فإنما الاختلاف بينهم في حالها وذلك لا يغير حكم الفعل في جانبه فان الكل لو اتفقوا انها كانت طائعة أو مكرهة يجب الحد على الرجل وهذا لان الزنا فعلان من الرجل والمرأة وإنما يقام الحد على كل واحد منهما بفعله وقد اتفقوا على وجود الفعل الموجب للحد على الرجل ولأبي حنيفة رحمه الله طريقان أحدهما ان كل اثنين شهدا بفعل آخر فما لم يتق الأربعة على الفعل الواحد لا يثبت الزنا كما لو اختلفوا في المكان والزمان وبيانه ان شاهدي الطواعية شهدا بفعل مشترك بينهما فإنها إذا كانت طائعة كانت شريكة له في الفعل حتى تشاركه في اثم الفعل وشاهدا الاكراه شهدا بفعل تفرد به الرجل لأنه لا شركة للمرأة في الفعل إذا كانت مكرهة حتى لا تشاركه في اثم الفعل والفعل المشترك غير الفعل الذي تفرد به الرجل وقولنا ان الزنا فعلان يعني من حيث الحكم فأما في الحقيقة
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست