المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٥٥
تصور الفعل فيها وهي نائمة لا تشعر بذلك وإن لم يكن أصل الفعل زنا فهي لا تصير زانية لان ثبوت التبع بثبوت الأصل وفعل الصبي والمجنون زنا لغة ولكن ليس بزنا شرعا لان الزنا شرعا فعل وجب الكف عنه لخطاب الشرع فلا ينفك عن الاثم والحرج وفعل الصبي والمجنون لا يوصف بذلك وإذا انعدم الزنا شرعا في جانبه فكذلك في جانبها والحد حكم شرعي فيستدعي ثبوت سببه شرعا وإنما سماها الله تعالى زانية على معني انها مزني بها كما قال تعالى في عيشة راضية أي مرضية وقال تعالى من ماء دافق أي مدفوق وإنما يجب الحد على قاذفها لنسبتها إلى ما تتعير وتستوجب به الحد وتقضى به شهوتها وهو التمكين من الزنا وان كانت تابعة في ذلك وأما الرجل إذا زني بصبية فهو المباشر لأصل الفعل وفعله زنا لغة وشرعا فلهذا لزمه الحد بحقيقة ان المرأة محل والمحلية مشتهاة وذلك باللين والحرارة فلا يتمكن نقصان فيه بجنونها وصغرها فقد تم فعله زنا لمصادفة محله فأما من جانب الرجل استعمال الآلة لا نفس الآلة واستعمال الآلة لا يكون زنا شرعا الا إذا كان واجب الكف عند الخطاب وذا بصفة الاثم والحرج وذلك ينعدم بالصبا والجنون وهذا فقه دقيق وفرق حسن وفى الكتاب علل فقال ذكر الصبي كأصبعه معناه ما هو المقصود بالزنا معدوم في آلة الصبي فلا يكون فعله بهذه الآلة زنا والمعتوه بمنزلة الصبي في الحكم فأما المحصنة إذا زني بها غير المحصن فعليها الرجم لان فعل غير المحصن زنا فتصير هي زانية بالتمكين من الزنا ثم المعتبر حالها فيما يقام من العقوبة بعد تقرر السبب وكل رجل يزني بامرأة لا يجب عليها الحد بشبهة مثل الخرساء التي لا تنطق فلا حد عليه لان الشبهة تمكنت هنا والخرساء لو كانت تنطق ربما تدعي شبهة نكاح وقد لا تقدر على إظهار ما في نفسها بالإشارة وقد بينا انها لو ادعت النكاح سقط عنها الحد فكذلك إذا كانت خرساء والأصل فيه حديث عمر رضى الله تعالى عنه ادرؤا ما استطعتم فان الامام لان يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة فإذا وجدتم للمسلم مخرجا فادرؤا عنه وهذا بخلاف ما إذا زني بصبية أو مجنونة لان سقوط الحد عنها ليس للشبهة بل لانعدام الأهلية (قال) وإذا زنى الحربي المستأمن بالمسلمة أو الذمية فعليها الحد ولا حد عليه في قول أبي حنيفة وقال محمد رحمهما الله تعالى لا حد على واحد منهما وهو قول أبى يوسف رحمه الله الأول ثم رجع وقال يحدان جميعا أما المستأمن فعند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله لا تقام عليه الحدود التي هي لله تعالى خالصا كحد الزنا والسرقة وقطع الطريق وفي قول
(٥٥)
مفاتيح البحث: الزنا (9)، الحرب (1)، السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست