مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٦٤
فكذا هنا، ويحتمل الامر مع المنع هنا لأنه هنا تابع للكراء فهو أضعف، وهو عندي ظاهر المدونة من قوله: إذا اكترى أرضا على أن يكربها ثلاث مرات ويزرعها الكراب الرابع جاز ذلك على أن يزبلها إن كان الذي يزبلها به شيئا معروفا فظاهرها لعموم، أما الجواز مطلقا أو لأنها تبع لما يباح بيعه والعرف اليوم على الجواز انتهى. ومسألة المدونة في أواخر أكرية الدور والأرضين منها، ونقلها المصنف في فصل كراء الدور والأرضين. وقوله: يكربها بضم الراء وبالباء الموحدة وتكريب الأرض تطييبها وإثارتها للحرث والزراعة وهو الكراب بفتح الكاف، وأما الزيت النجس وشبهه فيمنع بيعه. قال ابن شاس عن ابن حبيب: وعلى ذلك مالك وأصحابه إلا ابن وهب انتهى. قال في التوضيح: وصرح المازري بمشهوريته ومقابله رواية وقعت لمالك كان يفتي بها ابن اللباد وفيه قول ثالث بجواز بيعه لغير المسلم انتهى ص: (وانتفاع به لا كمحرم أشرف) ش: لما فرغ من الكلام على الشرط الأول من شروط المعقود عليه أتبعه بالكلام على الشرط الثاني فقال: وانتفاع يعني أنه يشترط في المعقود عليه أن يكون منتفعا به فيجوز بيع المنتفع به لا ما لا منفعة فيه فلا يجوز العقد به ولا عليه.
والدليل على ذلك ما تقدم من أنه من أكل المال بالباطل وذلك كمحرم الاكل إذا أشرف على الموت. واعلم أن الأعيان على قسمين: الأول ما لا منفعة فيه أصلا فلا يصح العقد به ولا عليه لما تقدم، بل لا يصح ملكه كما صرح به المازري وابن شاس والقرافي. ومثله بالخشاش ومثله البساطي بالخفاش وبعض العصافير التي لو جمع منها مائة لم يتحصل منها أوقية لحم وذلك داخل في كلام القرافي أو قريب منه. الثاني: ما له منفعة وهو على ثلاثة أقسام: الأول: ما كان جميع منافعه محرمة وهو كالذي لا منفعة فيه لا يصح بيعه ولا تملكه إن كان مما نهى الشارع عنه كالخمر والميتة والدم ولحم الخنزير لأن المعدوم شرعا
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست