مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٦٢
بها ولا يمتشط ولا يدهن بمداهنها اه‍. وأما الكلام على طهارتها وجواز استعمالها فمحله كتاب الطهارة.
فروع: الأول: على قول مالك في المدونة بأنه لا يجوز بيع الميتة وإن دبغ قال ابن عرفة: سمع عيسى بن القاسم: لو اشترى بثمنه غنما فنمت ثم تاب تصدق بالثمن لا الغنم.
عيسى: إن وجد بائعه أو وارثه رد إليه وإلا تصدق به، فإن جاء مستحقه خير بين الصدقة والثمن كما في اللقطة. ابن رشد: قول ابن القاسم: يتصدق بالثمن استحسان وقياس قوله وروايته جواز الانتفاع بجلود الميتة وإغرام مستهلكها قيمتها صدقة بفضل الثمن على قيمة الانتفاع بها لأن له الرجوع على متاعها بقيمة الانتفاع يقاصه به من الثمن، لأن الغلة إنما تكون للمبتاع بالضمان وهو لا يضمنها إن تلفت. وقول عيسى: يرد الثمن الصواب فضله ويلزم المشتري إن باعها ما لزم البائع.
قلت: لعل قوله: يتصدق بكل الثمن لاحتمال عدم انتفاع المبتاع بها كما تقدم في ابتدال رؤوس الضحايا اه‍. وهذه المسألة في رسم أمكنني من سماع عيسى من كتاب البيوع. وقول عيسى: ليس بخلاف لابن القاسم إنما هو تبيين له. كذا بين ابن رشد في شرح المسألة، وما ذكره ابن عرفة نحوه لابن عبد السلام ونصه بعد ذكر كلام ابن رشد غير معزو له.
قلت: إذا لم يكن للبائع على المشتري سوى الغلة خاصة فلعله إنما أمره في الرواية بالتصدق بجميع الثمن لأنه لا يعلم المشتري هل انتفع بالجلد واغتله أم لا؟ وإن كان انتفع به فما مقدار المنفعة فأمره بالتصدق لهذه الاحتمالات والله أعلم.
الثاني: قال في رسم الجامع من سماع أصبغ من كتاب البيوع: وسمعت ابن القاسم يقول: لا بأس ببيع شعر الخنزير الوحشي وهو كصوف الميتة، كذلك رواها أبو زيد. أصبغ:
هذا خطأ لا خير في ذلك، ليس كصوف الميتة ولا حق لبائعه. وهل مثل الميتة الخالصة أو أشد كل شئ منه حرام حي وميت، وصوف الميتة إنما حل لأنه حلال منها وهي حية، وشعر الخنزير ليس بحلال حيا ولا ميتا ولا يباع ولا يؤكل ثمنه ولا تجوز التجارة فيه والكلب أحل منه وأطهر، وثمنه لا يحل قد حرمه رسول الله (ص) حين نهى عن ثمنه، ابن رشد: قول ابن القاسم هو الصحيح على أصل مالك في أن الشعر لا تحله الروح وأنه يجوز أخذه من الحي والميت، كان مما يؤكل أو مما لا يؤكل لحمه كبني آدم والخيل والبغال والقرود التي أجمع أهل العلم على أنه لا يؤكل لحومها، أو مما يكره أكل لحمه كالسباع فوجب على هذا الأصل أن يكون شعر الخنزير طاهر الذات، أخذ منه حيا أو ميتا تحل الصلاة به وبيعه، وقول أصبغ ليس ببين وقياسه فاسد. وقوله: والكلب الخ ليس بحجة إذ
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست