مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٥ - الصفحة ٢٥٠
الكبر فأحرى أن يقوله في المزهر لأنه ألهى منه.
والثالث: أنه يحمل محمله ويدخل مدخله في الكبر وحده دون المزهر وهو قول ابن القاسم هنا. وفي رسم إن خرجت من سماع عيسى من كتاب الوصايا: وعليه يأتي ما في سماع عيسى من كتاب السرقة أن السارق يقطع في قيمة الكبر صحيحا. ولابن كنانة في المدونة إجازة البوق في العرس. فقيل: معنى ذلك في البوقات والزمارات التي لا تلهي كل الالهاء والله أعلم. واختلف في جواز ما أجيز من ذلك، فقيل هو من قبيل الجائز الذي يستوي فعله وتركه في أنه لا حرج في فعله ولا ثواب في تركه وهو المشهور في المذهب. وقيل: إنه من قبيل الجائز الذي تركه أحسن من فعله فيكره فعله لما في تركه من الثواب إلا أن في فعله حرجا أو عقابا وهو قول مالك في المدونة أنه كره الدفاف والمعازف في العرس وغيره. واختلف هل يجوز ذلك للنساء دون الرجال أو النساء والرجال، فقال أصبغ في سماعه: إن ذلك إنما يجوز للنساء دون الرجال، وإن الرجال لا يجوز لهم عمله ولا حضوره، والمشهور أن عمله وحضوره جائز للرجال والنساء وهو قول ابن القاسم في هذه الرواية في سماع أصبغ خلاف قول أصبغ وهو مذهب مالك إلا أنه كره لذي الهيئة من الناس أن يحضر اللعب. روى ذلك ابن وهب عنه في سماع أصبغ. وأما ما لا يجوز عمله من اللهو في العرس فلا يجوز لمن دعي إليه أن يأتيه، وقد مضى القول على ذلك في رسم طلق بن حبيب من سماع ابن القاسم. انتهى كلامه برمته والله أعلم.
ونص ما في سماع أصبغ: قال أصبغ: سمعت ابن القاسم وسئل عن الذي يدعى إلى الصنيع فجاء فوجد فيه لعبا أيدخل؟ قال: إن كان شيئا خفيفا مثل الدف والكبر الذي يلعب به النساء فما أرى به بأسا. قال أصبغ: ولا يعجبني وليرجع. وقد أخبرني ابن وهب أنه سمع مالكا يسأل عن الذي يحضر الصنيع وفيه اللهو فقال: ما يعجبني للرجل ذي الهيئة يحضر اللعب. وأخبرني ابن وهب عن مالك: وسئل عن ضرب الكبر والمزمار أو غير ذلك من اللهو ينالك سماعه وتجد لذته وأنت في طريق أو مجلس أو غيره قال مالك: أرى أن يقوم من ذلك المجلس. قال أصبغ: وأخبرني ابن وهب عن بكر بن مضر عن عمرو بن الحرث أن رجلا دعا عبد الله بن مسعود إلى وليمة، فلما جاء سمع لهوا فرجع فلقيه الذي دعاه فقال له ما لك: رجعت ألا تدخل فقال: إني سمعت رسول الله (ص) يقول: من كثر سواد قوم فهو منهم، ومن رضي عمل قوم كان شريك من عمله قال أصبغ: وأخبرني ابن وهب عن خالد بن حميد عن يحيى بن أبي أسيد أن الحسن البصري كان إذا ادعى إلى الوليمة يقول
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»
الفهرست