مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٣١
رجل يعتمر من أفق من الآفاق في أيام التشريق قال: لا بأس بذلك لأن هؤلاء لا يحلون بعد ذلك فلا أرى هؤلاء مثل من يعتمر في آخر أيام التشريق من الحاج قبل الغروب فهذا لا يعجبني. قال ابن رشد: لمن لم يحج أن يعتمر في أيام التشريق. والأصل فيه أمر عمر رضي الله عنه أبا أيوب الأنصاري وهبار بن الأسود لما قدما عليه يوم النحر وقد فاتهما الحج لاضلال راحلته وبخطأ الثاني في العدة أن يتحللا من إحرامهما بالحج ويقضياه قابلا ويهديا كما وقع في الموطأ. فلمن لم يحج أن يهل بعمرة في أيام التشريق سواء حل منها في أيام التشريق أو بعدها. قاله ابن القاسم في المدونة. فقوله هنا وفي المدونة أيضا إن هؤلاء يحلون بعد ذلك يريد بعد أيام التشريق ليس بتعليل صحيح انتهى.
وقال سند: من لم يكن من أهل الحج فلا حجة عليه يعتمر متى شاء. وهذا قول الشافعي وابن حنبل. وقال أبو حنيفة: تكره العمرة في يوم عرفة وأيام منى ووافق أبو يوسف على غير يوم عرفة. وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: السنة كلها للعمرة إلا خمسة أيام: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق. ودليلنا أنه وقت يصح فيه الطواف والسعي فلا تكره فيه العمرة كسائر السنة، ويوم عرفة يصح فيه القران فلا يكره فيه إفراد العمرة كما لا يكره إفراد الحج، ولان من فاته الحج يفعل أفعال العمرة في أيام منى. وقد قال أبو يوسف: ينقلب إحرامه عمرة فإذا كان الوقت صالحا لأفعال العمرة والذمة خالية مما ينافي العمرة لم يبق للكراهة وجه، وما رواه لا يثبت عند أهل الحديث، وإن صح فمحمول على من أحرم بالحج انتهى.
وقال اللخمي في تبصرته: والوقت الذي يؤتي بها فيه على وجهين، فمن لم يتقدم له حج ولا يريده في ذلك العام فيعتمر من السنة في أي وقت أحب وفي أشهر الحج ويوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق ويكون الناس في الوقوف بعرفة وهو يعمل عمل العمرة، وأما من حج فلا يعتمر حتى تغيب الشمس من آخر أيام التشريق. قال: وإن تعجل فلا يحرم بعمرة فإن فعل لم ينعقد. قال ابن القاسم: إلا أن يحرم في أيام التشريق بعد الرمي فيلزمه. قال محمد: يلزمه الاحرام ولا يحل حتى تغرب الشمس وإحلاله قبل ذلك باطل وإن وطئ قبل ذلك أفسد عمرته وقضاها وأهدى. والقياس إذا أكمل الاحرام للحجة أن ينعقد الاحرام لعمرة ويصح عملها انتهى. وقال ابن عبد السلام في شرح ابن الحاجب: يعني أن العمرة لا تختص بزمن معين كالحج فقد اعتمر رسول الله (ص) في أشهر الحج وأمر عبد الرحمن بن الصديق أن يعمر عائشة في ذي الحجة. وقال: عمرة في رمضان تعدل حجة أو قال حجة معي إلا أن الفقهاء يقولون: العمرة لا ترتدف على الحج فلذلك يشترطون أن لا يكون في أيام منى لمن حج، وأما من لم يحج فيجوز أن يأتي بها في سائر السنة ولو في يوم عرفة أو يوم النحر انتهى.
وإذا علم ذلك فما نقله ابن الحاج وابن فرحون عن القاضي أبي محمد مخالف لاطلاق ما تقدم من النصوص وصريحها ونص ابن الحاج، وأما غير ابن الحاج فلا تكره له العمرة أيام منى
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست