مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٢٩
وذكر اللخمي عن مالك قولا بجواز الاحرام قبل الميقات مطلقا، وذكر ابن عرفة الروايات الثلاث. ووجه الأولى المشهورة أنه عليه السلام لم يحرم إلا من الميقات وقال خذوا عني مناسككم. وكأن توقيته عليه السلام لهذه المواقيت نهي عن الاحرام من غيرها كما في الميقات الزماني فإنه لا خلاف أنه ينهى عن الاحرام قبله قال اللخمي: وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه أنكر على عمران بن حصين إحرامه من البصرة انتهى. ووجه رواية ابن المواز أنه مع القرب لا يظهر له معنى إلا قصد المخالفة لتحديد الشارع بخلاف البعيد فإن فيه قصد استدامة الاحرام. ووجه الرواية الثالثة أن الميقات إنما هو لمنع مجاوزته لا لمنع تقديم الاحرام عليه، وأن القصد منه التخفيف فمن قدم فقد زاد خيرا. وقال الشافعي في أحد قوليه وأبو حنيفة: الأفضل أن يحرم من بلده لأن عمر وعليا رضي الله عنهما قالا في قوله تعالى * (وأتموا الحج والعمرة لله) * إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك. ولحديث أبي داود من أحرم من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام بحج أو عمرة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ووجبت له الجنة وقال صاحب الطراز والقرافي: ما رووه يحمل على النذر جمعا بين الأدلة انتهى. وما ذكره عن سيدنا عمر فلعله رجع عنه كما نقل اللخمي أنه أنكر على عمران بن حصين كما تقدم والله أعلم. وذكر المؤلف هذا لمسألة قبل أن يذكر الميقات المكاني للاختصار لتساويها مع التي قبلها في الحكم والله أعلم. وقوله وفي رابغ تردد أشار لما ذكره في توضيحه ومناسكه. قال: حكى شيخنا رحمه الله عن بعض شيوخه أن الاحرام من رابغ من الاحرام أول الميقات وأنه من أعمال الجحفة ومتصل بها قال: ودليله اتفاق الناس على ذلك. قال سيدي أبو عبد الله بن الحاج: إنه مكروه ورآه قبل الجحفة. انتهى من التوضيح. وقال في مناسكه: ورأي سيدي أبو عبد الله بن الحاج أن إحرام المصريين من رابغ من باب تقديم الاحرام على الميقات.
ومال شيخنا رحمه الله إلى أنه من أعمال الجحفة ومتصل بها وكان ينقله عن الزواوي انتهى.
واقتصر ابن فرحون في مناسكه في الباب العاشر على ما نقله الشيخ عبد الله المتوفى عن الزواوي ونصه: ورابغ أول ميقات الجحفة انتهى. وما ذكره عن سيدي أبي عبد الله بن الحاج فهو في مدخله قال: وليحذر مما يفعله أكثرهم من الاحرام من رابغ وهو قبل الجحفة فيبتدؤون الحج بفعل مكروه ولا حجة لهم في أن الجحفة لا ماء بها لأن الغسل مستحب والاحرام من الميقات سنة ولا مكان الغسل برابغ وتأخير الاحرام إلى الجحفة لأن ذلك صحيح كما في الاحرام من ذي الحليفة، ولا حجة لهم في أن الركب لا يدخل الجحفة لأنه ليس من شرط الاحرام الدخول بل إذا حاذاها أحرم. وينبغي له أن يحرم من أول الجحفة، فإن أحرم من أوسطها أو من آخرها ترك الأولى والله أعلم. انتهى بالمعنى. وقد ذكر ابن جماعة في منسكه الكبير والسيد السمهودي في حاشية الايضاح، أن الاحرام منها من باب تقديم الاحرام على الميقات. ونص ابن جماعة: وهي - أي الجحفة - بالقرب من رابغ
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست