مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٢٦٦
ثبت ذلك فهل يختص ذلك بموضع تقويمه؟ ظاهر الكتاب أنه يختص ولا يجزئ بغيره. وحمل ابن المواز ذلك على اختلاف السعر فقال: إن أصاب بالمدينة وأطعم بمصر لم يجزه إلا أن يتفق سعراهما، وإن أصابه بمصر وهو محرم فأطعم بالمدينة أجزأه لأن السعر أغلى. وقال أصبغ: إذا أخرج على سعره بموضعه ذلك أجزأه حيثما كان ثم قال: وإذا قلنا يخرج بغير ذلك الموضع فبقدر مكيلة ما حكم عليه أو بعدل قيمة تلك المكيلة يختلف فيه ثم قال:
فرع: فلو لم يكن حكم عليه بمبلغ من الطعام حتى يرجع إلى أهله فأراد أن يطعم فليحكم اثنين ممن يجوز تحكيمهما ويصف لهما الصيد ويذكر لهما سعر الطعام بموضع الصيد، فإن تعذر عليهم تقويمه بالطعام قومه بالدراهم. وعلى ظاهر المذهب يبعث بالطعام إلى موضع الصيد كما يبعث بالهدي إلى مكة. وعلى قول ابن وهب يبتاع بتلك القيمة طعاما في بلده ما بلغت قل الطعام أو كثر انتهى. وقال في التوضيح: تحصيل المسألة أنه يطلب ابتداء بأن يخرج بمحل التقويم، فإن أخرجه بغيره فمذهب المدونة عدم الاجزاء، ومذهب الموطأ الاجزاء وعليه فثلاثة أقوال: قول أصبغ يخرج حيث شاء بشرط أن يخرج على سعر بلد الحكم، وقول ابن المواز المتقدم، وقول ابن حبيب إن كان الطعام ببلد الاخراج أرخص اشترى من الطعام الواجب عليه ببلد الصيد فأخرجه، وإن كان ببلد الاخراج أغلى أخرج المكيلة الواجبة عليه. قال ابن عبد السلام: واختلف الشيوخ في كلام ابن المواز، فمنهم من جعله تفسيرا للمدونة، ومنهم من جعله خلافا وهو الذي اعتمده ابن الحاجب انتهى. فأشار المصنف إلى أن المعتبر في التقويم موضع الإصابة بقوله: بمحله وإلا فبقربه وأشار إلى موضع الاخراج بقوله: ولا يجزئ بغيره أي ولا يجزئ الاخراج بغير محل الإصابة. ثم أشار إلى التأويلين بقوله وهل إلا أن يساوي سعره فتأويلان. والمعنى أنه إذا أخرج الطعام بغير محل الإصابة فهل لا يجزئ مطلقا، أي سواء ساوى سعر محل الاخراج سعر محل الإصابة أم لا، ولا يجزئ إلا أن يساوي سعر محل الاخراج سعر محل الإصابة ويكون سعر محل الاخراج أغلى فيجزئ والله أعلم.
تنبيه: من الغريب ما وقع في الكافي المختار أنه لا يذبح الجزاء أو لا يطعم عنه إلا حيث وجب الجزاء، فإن الذبح لا يكون إلا بمكة انتهى. ونحوه ما وقع في التلقين أنه لا يجوز إخراج شئ من جزاء الصيد بغير الحرام إلا الصيام انتهى. وهو مشكل بالنسبة إلى الاطعام لأن المذهب في الاطعام على ما تقدم وقد اعترض عليه في طرره. قال: ظاهره أن الهدي في جزاء الصيد الاطعام لا يجوز أن يكونا إلا في الحرم، ولا يجوز أن ينقل منه شئ إلى غير مساكين الحرم. هذا ظاهر إطلاقه وهو مذهب الشافعي، والذي ينقله الأصحاب عن مالك غيره هذا، فحكى القاضي أبو الحسن عن مالك أن الهدي إذا نحر بمكة أو بمنى جاز أن يطعم منه مساكين الحل بأن ينقل ذلك إليهم، وأما الاطعام فقد صرح في المدونة بأنه يكون في غير مكة
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»
الفهرست