مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٢٦٣
لها كأوراق الشجر ولو لم يجز قلعه لماشية لم يجز له أن يسلطها عليه، ولما جاز له أن يسلط ماشيته على أوراق الشجر جاز له أن يهشها. ويجمع إذا ثبت ذلك فمن قدر أن لا يحتش فلا يحتش ليخرج من الخلاف ومن عموم النهي وهو وجه الكراهة انتهى. وحمل ابن عبد السلام الكراهة على التحريم فقال: وأما الاختلاء وهو حصاد الكلأ الرطب فالأقرب أن الكراهة هنا يعني في كلام ابن الحاجب على التحريم. هذا هو ظاهر الحديث، وعلى ذلك ينبغي أن يحمل كلام مالك وليس في قوله لمكان دوابه دليل على أن الكراهة على بابها لأن مقصوده أن النهي عن الاختلاء معلل بخيفة قتل الدواب إذ لم كان أخذه ممنوعا مطلقا لما جاز الرعي والله أعلم. وقال أبو عمر في الكافي: ولا يجوز لحلال ولا لحرام قطع شئ من شجر الحرم المباح ولا كسره ولا أن يحتش في الحرم، ولا بأس بقطع كل ما غرسه الآدميون من النخل والشجر، وقد رخص في الرعي في الحرم وفي الهش من شجرة للغنم انتهى. فظاهر قوله لا يجوز المنع وفي رسم كتب عليه ذكر حق من سماع ابن القاسم من كتاب الحج لا بأس أن يخبط المحرم لبعيره من غير الحرم.
قال ابن رشد: الخبط أن يضرب بعصاه الشجر فيسقط ورقه لبعيره وذلك جائز في الحل للحلال والمحرم إذ يأمن في ذلك المحرم قتل الدواب بخلاف الاحتشاش، ولا يجوز ذلك في الحرم لحلال ولا حرام وإنما الذي يجوز لهما فيه الهش وهو أن يضع المحجن في الغصن فيحركه حتى يسقط ورقه انتهى. فيؤخذ من قوله إن الخبط لا يجوز في الحرم أن الاحتشاش لا يجوز أيضا، فلعل المصنف مشى على قول ابن عبد السلام وما يفهم من كلام ابن رشد وصاحب الكافي.
تنبيهات: الأول: اعلم أن هذا إنما هو في قطعه للبهائم. قال سند في الاحتجاج على جواز الرعي أما قطع الحشيش فنحن لا نمنعه للماشية وإنما نمنعه لغير ذلك بأن يدخره أو يفرغ الأرض منه انتهى.
الثاني: فهم من قوله: يفرغ الأرض منه أن ذلك ممنوع وهذا إذا كان ذلك لغير
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»
الفهرست