مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٢١٤
الأول: قوله: مصبوغ يريد به المصبوغ بغير طيب إذا كان لون الصباغ يشابه لون المصبوغ بالطيب، فأما صبغ بطيب كالمصبوغ بزعفران أو ورس فلا خلاف أنه يحرم لبسه على الرجال والنساء في الاحرام وتجب الفدية بلبسه، فإن غسل الثوب حتى ذهب منه ريح الطيب وبقي لونه فكرهه مالك في المدونة قال: إلا أن يذهب لونه كله فلا بأس به. قال: وإن لم يذهب لونه ولم يجد غيره صبغه بالمشق وأحرم به انتهى. والمشق بكسر الميم وسكون الشين المعجمة وهو المغرة بفتح الميم وسكون الغين المعجمة وقد تفتح وهو الطين الأحمر. قال أبو الحسن: وقد ذكر بعضهم أن صبغها إنما يثبت إذا خلط بزيت ويقال للثوب المصبوغ بها ممشق. قاله في الصحاح.
وأما المغرة بضم الميم وسكون الغين فقال في القاموس: إنه لون ليس بناصع الحمرة أو شقرة بكدرة انتهى. وقال في التوضيح: قال في الاستذكار: لا خلا ف أنه لا يجوز للمحرم لبس ثوب صبغ بورس أو زعفران. والورس نبت باليمن وصبغه بين الصفرة والحمرة، فإن غسل حتى ذهب منه ريح الزعفران فلا بأس به عند جميعهم. وروى ابن القاسم عن مالك كراهته ما بقي من لونه شئ انتهى.
وأما المصبوغ بالعصفر فهو على ضربين: مفدم ومورد. فالمفدم بضم الميم وسكون الفاء وفتح الدال المهملة هو القوي الصبغ المشبع الذي رد في العصفر مرة بعد أخرى. قال في التوضيح: وهو ممنوع للرجال والمشهور وجوب الفدية فيه. وروى أشهب عن مالك سقوطها قال غير واحد: وهو على هذه الرواية مكروه. وأما المرأة فالمشهور أيضا أنه ممنوع في حقها. وروى ابن حبيب أنه لا بأس أن تلبس المحرمة المعصفر المفدم ما لم ينتفض عليها شئ منه انتهى. واستظهر صاحب الطراز القول بسقوط الفدية في المعصفر المفدم عن الرجال والنساء قال: لأنه لا يعد طيبا وسيأتي لفظه.
قلت: والذي يظهر من كلام المصنف وابن عبد السلام وابن عرفة وغيرهما أن المرأة إذا لبست المفدم لزمتها الفدية على القول المشهور، وهو الذي يفهم من قوله في المدونة قال مالك:
وأكره للرجال والنساء أن يحرموا في الثوب المعصفر المفدم لانتفاضه انتهى. فسوى بين الرجال والنساء. وقال في النوادر: قال مالك: النساء والرجال فيما ينهى عنه في الاحرام في المورس والمعصفر والمفدم والمزعفر سواء انتهى. وأما المورد ففسره التونسي بالمعصفر المفدم إذا غسل، وفسره اللخمي والباجي بالمعصفر غير المفدم. وقال في التوضيح: قال مالك: وإن غسل المفدم جاز لأنه يصير موردا، ثم ذكر عن الباجي أنه المصبوغ بالعصفر صبغا غير قوي قال: وهذا هو المعروف يعني في تفسير المورد. قال: وقال ابن راشد: قال القاضي منذر بن سعيد: هو الذي صبغ بالورد انتهى. وقال ابن عرفة بعد أن ذكر في تفسير كلام اللخمي والتونسي والباجي: وفي تفسير البلوطي بما صبغ بورد نظر لأنه طيب كالورس انتهى. والبلوطي بفتح الباء وتشديد اللام هو القاضي منذر بن سعيد. قلت: وقول ابن عرفة أن المصبوغ بالورد كالمصبوغ بالورس غير ظاهر، لأن الورس من الطيب المؤنث والورد من الطيب المذكر، والظاهر أن يفصل فيه كما فصل في المصبوغ بالعصفر بين المفدم وغيره والله أعلم.
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست