مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ١٩٤
بناء رمي الأولى للحصاة التي بقيت، فوجب أن يبتدئ لرميهن كلهن حتى يوالي الرمي انتهى.
ونحوه في ابن يونس ونقله أبو الحسن الصغير قم قال: فهذا يكره النقص على ما تقدم وإن الموالاة مطلوبة فيكون في الكتاب قولان انتهى. وقال ابن بشير: فإن ترك حصاة فلا يخلو أن يذكر موضعها أو يشك، فإن ذكر موضعها فهل يعيد الجمرة من أصلها أو يكفيه رمي حصاة واحدة؟ ثلاثة أقوال: أحدها أنه لا يعيد بل يرمي حصاة واحدة وهذا هو المشهور، والثاني أنه يعيد الجمرة من أصلها، والثالث: إذا ذكرها يوم الأداء أعادها خاصة، وإن ذكرها في يوم القضاء أعاد الجمرة من أصلها. وسبب الخلاف هل الموالاة في الجمرة الواحدة واجبة أو مستحبة؟ فمن أوجبها أوجب الإعادة للكل، ومن لم يوجبها اجتزأ برمي ما نسي خاصة، ومن فرق فلأنه رأى أن حكم القضاء والأداء مختلفان فلا يجتمعان في جمرة واحدة، وإن لم يدر موضعها فقولان في الكتاب أحدهما أنه يرمي عن الأولى الحصاة ثم يعيد ما بعدها، والثاني أنه يرمي عن الجميع ولا يعتد بشئ. وقد تردد أبو الحسن اللخمي هل هذا الخلاف يوجب الاختلاف إذا علم موضعها أو يكون هذا بخلاف ذلك وهو مقتضى الكتاب. والفرق أنه إذا علم الموضع قصد بتلك الحصاة ذلك الموضع وأعاد ما بعده، وإن لم يعلم الموضع فلم تحصل له صورة يعول فيها على الترتيب فأعاد الجميع في قول انتهى. وقال ابن الحاجب: فلو كانت حصاة لم يكتف برمي حصاة على المشهور، وثالثها إن كانت في يوم القضاء اكتفى. قال في التوضيح: ولو كان المنسي حصاة من إحدى الثلاثة ويذكر من يوم أو من الغد لم يكتف برمي حصاة على المشهور، بل لا بد من إعادة الجمرة كلها، وقيل: يكتفي برمي أن حصاة ويعيد بست في الجمرة الأولى بناء على أن الفور في الجمرة واجب أو مستحب وذكر المصنف أن المشهور عدم الاكتفاء وفيه نظر، فقد صرح الباجي وابن بشير بأن الاكتفاء هو المشهور.
وكذلك قال ابن راشد وغيره وبه صدر في الجواهر. وقوله في القول الثالث: إن كان يوم القضاء اكتفى عكس المنقول. وممن نقل العكس الباجي وابن بشير وابن راشد وابن عبد السلام، وقد وقع في بعض النسخ إن كان يوم القضاء لم يكتف وهو الصواب وهو قول ابن القاسم في المدونة، ووجهه أنه لو قيل بالاكتفاء في القضاء لزم أن يكون بعض الجمرة أداء وبعضها قضاء بخلاف يوم الأداء. إذا تقرر ذلك علمت أن الترتيب والفور هنا على العكس من الوضوء لأن الترتيب هنا واجب والفور ليس بواجب والله أعلم. انتهى كلام التوضيح وجزم بذلك في مناسكه فقال: والفور في رمي حصاة الجمرة ليس بواجب انتهى. إذا علمت ذلك فيتحصل مما تقدم ومن كلام صاحب الطراز وابن هارون وابن عبد السلام الآتي في الفور في رمي حصى الجمرة طريقتان: الأولى طريقة ابن بشير وأبي الحسن الصغير والمصنف هنا وفي توضيحه ومناسكه أن الفور مستحب مطلقا على المشهور، سواء كان ذاكرا أو ناسيا وهو ظاهر المدونة من مسائل للنسيان التي ذكر المصنف بعضها. ويؤخذ أيضا مما ذكره في شرح أول
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست