مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٥٤
الأحباس بعضها في بعض وبه عمل الأندلسيين خلافا للقرويين، فعلى قولهم لا يجوز الدفن فيه بوجه. وهذا في المساجد التي بنيت للصلاة فيها، وأما لو بنيت لوضع الموتى فيها صح إدخالها والدفن فيها إن اضطر إلى ذلك، وأما المساجد التي بنيت بالمقابر فقال ابن محرز: اختلف أشياخنا في الصلاة على الجنائز فيها فمنعه أبو عمران وجوزه ابن الكاتب انتهى. ص: (والصلاة عليه فيه) ش: قال في العارضة: ثبت أن النبي (ص) على الميت في المسجد وله صورتان: إحداهما أن يدخل الميت في المسجد وكرهه علماؤنا لئلا يخرج من الميت شئ وحرف الجر يحتمل أن يتعلق بصلى أو باسم فاعل مضمر والأول أولى. وإنما أذنت عائشة في المرور بالميت في المسجد لأنها أمنت أن يخرج منه شئ لقرب مدة المرور وإلا أن مالكا لاحتراسه وحسمه للذرائع منع من إدخالهم في المسجد لأن الناس كانوا يسترسلون في ذلك. وقد منعت عائشة من دخول النساء فيه، وحسم الذرائع فيما لا يكون من اللوازم أصل في الدين انتهى. وقد استمر عمل الناس على الصلاة على الموتى بالمسجد الحرام. قال شيخ شيوخنا القاضي تقي الدين الفاسي في شفاء الغرام في أخبار البلد الحرام في الباب التاسع عشر قال الفاكهاني: كان الناس فيما مضى من الزمان يصلون على الرجل المذكور داخل المسجد الحرام. قال الفاسي: ومراده بالمذكور المشهور، والناس اليوم يصلون على الموتى جميعا بالمسجد الحرام إلا أن المذكور من الناس يصلون عليه عند باب الكعبة. ويذكر أنهم كانوا إنما يصلون عند باب الكعبة على الاشراف وقريش أدركناهم يصلون عند باب الكعبة على غيرهم من الأعيان، وبعض الناس تسامح في ذلك بالنسبة إلى غير قريش والاشراف وفي إخراجهم من باب السلام، ولم أر في خروجهم من باب السلام بالموتى ما يستأنس به. وعندي أن الخروج من باب الجنائز أولا لأنه طريق النبي (ص) من منزل زوجه خديجة. وأما الصلاة على الموتى عند باب الكعبة فرأيت فيه خبرا ذكره الأزرقي يقتضي أن آدم عليه الصلاة والسلام صلى عليه عند باب الكعبة، وأما من لا يصل عليه عند باب الكعبة فيصلي عليه خلف المقام عند مقام الشافعي وبعضهم يصلي عليه عند باب الحزورة وهم القراء الطرحاء وذلك داخل المسجد الحرام انتهى. ص: (وتكرارها) ش: قال في المدونة: ومن أتى وقد فرغ الناس من الصلاة على الجنازة فلا يصلي عليها بعد ذلك ولا على القبر، وليس العمل على ما جاء من الحديث في ذلك. قال ابن ناجي: وظاهر الكتاب أنه إذا صلى على الجنازة واحد فقط فإنه
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست