مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٦٥
قبر الرجل لما يستر منها عند إقبارها، وقد ضربه عمر على قبر زينب بنت جحش. فأما على قبر الرجل فأجيز وكره ومن كرهه، فإنما كرهه من جهة الريا والسمعة، وكره أبو هريرة وأبو سعيد الخدري وابن المسيب، وقد ضربه محمد بن الحنيفة على قبر ابن عباس أقام عليه ثلاثة أيام فأراه واسعا، ولا بأس أن يبقى عليه اليوم واليومين ويبات فيه إذا خيف من نبش أو غيره انتهى. وقال المشذالي: ضرب الخباء على القبر فيه قولان: بالجواز والكراهة. قال ابن عتاب: فإن أوصى به أنفذ للخلاف، وكذلك إذا أوصى بأجرة لمن يقرأ عليه القرآن كالأجرة على الحج انتهى.
الثالث: قال في المدخل: وليس له أن يحفر قبرا ليدفن فيه إذا مات لأنه تحجير على غيره. ومن سبق كان أولى بالموضع منه، ويجوز له ذلك في ملكه لأنه لا غصب في ذلك، وفيه تذكرة لمن حفر له. انتهى من فصل زيارة القبور. وقال في التوضيح: خليل: وانظر هل يجوز ذلك يعني حفر قبر للحي ابتداء؟ والأقرب عدم جوازه لأنه لا يدري هل يموت هنا أم لا، وقد يموت بغيره ويحسب غيره أن في هذا القبر أحدا فيكون غاصبا لذلك، وقد ورد من غصب شبرا من أرض طوقه الله من سبع أرضين انتهى. وكأنه لم يقف على كلام صاحب المدخل.
الرابع: إذا دفن في مقبرة أحد من غير اضطرار ووقع ذلك ونزل فليس له أن يخرجه لأنها ليست ملكه بل هي حبس للمسلمين كما قالوا فيمن حفر قبرا للميت فدفن غيره فيه: إنه ينبش وعليه قيمته. فأحرى مسألتنا والله أعلم، وانظر الشبيبي في شرح الرسالة.
الخامس: لا شك أن المعلاة والشبيكة من مقابر المسلمين المسبلة المرصدة لدفن الموتى بمكة المشرفة - شرفها الله - وأن البناء بهما لا يجوز ويجب هدمه، يدل لذلك كلام الشافعي الآتي. بل للمعلاة زيادة خصوصية لورود الحديث في فضلها وتسميتها مقبرة فقد روينا في تاريخ الأزرقي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي (ص) أنه قال: نعم المقبرة هذه مقبرة أهل مكة. قال: ويروى عن النبي ص) أنه قال: نعم الشعب ونعم المقبرة. وأما ما يقال إن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أو وقفها فلم أقف له على أصل، بل الظاهر أنه غير صحيح لأنها مسبلة للدفن من قبل ذلك، وكلام الشافعي يقتضي أنها مسبلة، فإن الزركشي لما تكلم في الخادم على البناء على القبور قال الحاوي بعد ذكره: إنه لا يجوز البناء في المسألة ويهدم. قال الشافعي: ورأيت الولاة بمكة يأمرون بهدم ما بني فيها، ولم أر الفقهاء يعيبون عليهم ذلك انتهى. وتقدم كلام الشافعي هذا في كلام ابن الفاكهاني، ثم تكلم الزركشي على القرافة وهل هي موقوفة أو مرصدة؟ ويظهر من كلام ترجيح الوقفية، وقد صرح بذلك الشيخ خليل في التوضيح به كما تقدم. ص: (كحجر أو خشبة بلا نقش) ش: يعني
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست