مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٣٥٥
يجب القضاء في صوم النفل بالفطر إذا كان عمد حراما كمن شرع في صوم التطوع ثم أفطر من غير ضرورة ولا عذر، فإن إتمام صوم النفل واجب ولا يجوز قطعه. ابن عبد السلام: هذا هو المذهب، ومذهب المخالف عند أظهر للأحاديث الواردة في ذلك انتهى. واحترز بقوله:
العمد من النسيان والاكراه وبالحرام من أفطره لشدة الجوع والعطش الحر الذي يخاف منه تجدد مرض أو زيادته وفطره لأمر والديه وشيخه. قال ابن ناجي في شرح الرسالة في قوله:
ومن أفطر في تطوعه عامدا قال التادلي: حقه أن يقول بعد قوله: عامدا حراما كما زاد ابن الحاجب في قوله: ويجب في النفل بالعمد الحرام خاصة. وأراد بذلك إخراج ما كان عمدا للسبب كجبر الوالد ولده والسيد عبده إذا تطوع بغير إذنه انتهى. وفي السفر روايتان: مذهب المدونة أنه ليس بعذر، وروى ابن حبيب أنه عذر يسقط القضاء، وكذلك أوجب في المدونة القضاء على من تطوع بالصوم في السفر ثم أفطر. وفي الجلاب رواية أخرى بسقوطه. انتهى جميعه من التوضيح. ونص المدونة: ومن يتسحر بعد الفجر وهو لا يعلم أو أكل ناسيا لصومه فإن كان في تطوع فلا شئ عليه ولا يفطر بقية يومه فإن فعل قضاه انتهى. قال ابن ناجي:
ظاهر الكتاب قوله لا شئ عليه نفي الوجوب. وهل قضاؤه مستحب أم لا؟ سمع ابن القاسم استحباب قضائه ولم يحك ابن رشد غيره. وقال ابن بشير: في استحبابه قولان، ومفهومه أنه لو كان أكل عامدا أنه يقضي وهو كذلك. وقع للقاضي عيسى بن مسكين الإفريقي الساحلي ما يقتضي أنه لا يقضي في قوله لصديقه لما أمره بالاكل معه وقال: إني صائم ثوابك في سرور أخيك المسلم بفطرك عنده أفضل من صومك ولم يأمره بقضاء. فظاهره نفيه كقول الشافعي وإليه كان شيخنا حفظه الله يذهب ولم يرتض قول عياض في مداركه قضاؤه واجب، وإنما لم يذكره لوضوحه انتهى. وقوله: مفهومه بل صريحه فإنه قال: إذا أكل ناسيا لا يفطر فإن فعل قضى. وهذا صريح. ولهذا قال ابن الحاجب: لو أكل ناسيا حرم عليه الاكل ثانيا انتهى. وما ذكره عن سماع ابن القاسم هو في رسم اغتسل من سماع ابن القاسم من كتاب الصيام.
وعلم من قوله: العمد الحرام وأنه لو أفطر متأولا لا قضاء عليه. وقال ابن ناجي: ظاهر كلام الباجي يقتضي أن من أفطر في تطوعه متأولا أنه لا يقضي لقوله: كلما يسقط الكفارة في رمضان يسقط القضاء في التطوع انتهى.
تنبيه: وحيث يفطر في تطوعه عامدا، فهل يجب عليه الكف؟ قال أبو الحاجب: قولان.
وقال ابن عرفة الشيخ: روى ابن نافع لا وجه لكف مفطره عمدا إلا لعذر. ونقل ابن الحاجب وجوب الكف لا أعرفه انتهى.
فرع: قال في المدونة: ويكره أن يعمل في صوم التطوع ما يكره أن يعمل في صوم الفريضة. أبو الحسن: مثل الحقنة والسعوط وذوق الملح والطعام ومضغ العلك وسائر ما تقدم مما يكره في الفرض انتهى.
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»
الفهرست