مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٣٣٠
وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله وصيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام من شوال بشهرين فذلك صيام سنة. ومحل تعيينها في شوال على التخفيف في حق المكلف لاعتياده الصيام لا لتخصيص حكمها بذلك إذ لو صامها في عشر ذي الحجة لكان ذلك أحسن لحصول المقصود مع حيازة فضل الأيام المذكورة والسلامة مما اتقاه مالك انتهى.
ونقل في التوضيح قوله: لو صامها في عشر ذي الحجة الخ عن الجواهر. وقال في العارضة:
وصل الصوم بأوائل شوال مكروه جدا لأن الناس صاروا يقولون تشييع رمضان، وكما لا يتقدم لا يشيع. ومن صام رمضان وستة أيام كمن صام الدهر قطعا لقوله: * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) * كان من شوال أو من غيره. وإنما كان من غيره أفضل ومن أوسطه أفضل من أوله وهذا بين وهو أحوط للشريعة وأذهب للبدعة. وروى ابن المبارك والشافعي أنها من أول شوال ولست أراه، ولو علمت من يصومها من أول الشهر وملكت الامر أدبته وشردت به وأن أهل الكتاب بمثل هذه الفعلة غيروا دينهم انتهى. وقال في الذخيرة إثر كلامه السابق سؤال في قوله: فكأنما صام الدهر: يشترط في التشبيه المساواة أو المقاربة وهاهنا ليس كذلك، والاجر على قدر العمل ولا مداناة بين عشر الشئ وكله. جوابه: معناه فكأنما صام الدهر لو كان من غير هذه الأمة.
تنبيه: هذا الاجر مختلف فخمسة أسداسه الناشئة عن رمضان أعظم أجرا لكونها ثواب الواجب وسدسه ثواب النفل. وإنما قال بست ولم يقل بستة وهو الأصل لوجوب تأنيث المذكر في العدد لأن العرب تغلب الليالي على الأيام لسبقها. انتهى كلام الذخيرة.
فرع: من المكروه الوصال والدخول على الأهل والنظر إليهن وفضول القول والعمل وإدخال الفم كل رطب له طعم والاكثار من النوم بالنهار. نقلها القاضي عياض وابن جزي والله أعلم. ص: (وذوق ملح وعلك ثم يمجه) ش: قال في المدونة: ويكره له ذوق الملح والطعام ومضغه وإن لم يدخل إلى جوفه ومضغ العلك أبو الحسن: يعني ليداوي به شيئا يدل عليه مقارنته مع ما قبله، ويعني أيضا إذا مضغه مرة واحدة وأما لو مضغه مرارا وابتلع ريقه فلا شك أنه يفطر لأنه يبتلع بعض أجزائه مع ريقه، ويدل على ذلك أيضا مقارنته مع الملح والطعام.
انتهى من أبي الحسن الكبير. وفي الصغير: يعني إذا مضغه ليجعله في موضع وأما ليبتلع الريق فإنه يفطر لأن الكراهة إنما هي مرة واحدة انتهى. وقال في الكبير قبل ما تقدم: الكراهة على التنزيه وإنما كره مخافة أن يصل إلى حلقه شئ من ذلك. فحاصله إذا ابتلع ريقه فإنه يفطر
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»
الفهرست