مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٤٠
لأن الزوال خفي لا يتبين إلا بظهور زيادة الظل انتهى. وقول المصنف: مطلقا يعني ظهرا كانت أو غيرها إذ لم يعرض في الفذ عارض ينقله إلى استحباب التأخير كما في الجماعة وهذا هو المشهور. قال ابن الحاجب: وقيل: المنفرد كالجماعة. قال في التوضيح: هو قول عبد الوهاب.
قلت: هكذا حكى الباجي عن القاضي. والذي له في التلقين والمعونة استحباب ذلك للجماعة. قال في التلقين: ويستحب تأخيرها في مساجد الجماعات إلا أن يكون الفئ ذراعا.
قال المازري في شرحه: واختلف أصحابنا في الفذ، فذهب بعضهم إلى أن المستحب له التعجيل أول الوقت للحديث السابق، وذهب بعضهم إلى أن المستحب له التأخير إلى الذراع لعموم قول عمر رضي الله عنه: صلى الظهر والفئ ذراع انتهى. ولم يعز المصنف هذا القول في شرح هذا المحل إلا للقاضي فقط مع أنه ذكر في شرح القولة التي بعدها عن ابن عبد البر أنه حكى عن ابن القاسم عن مالك أن الفذ والجماعة سواء في استحباب التأخير، وعزا مقابله لابن عبد الحكم وغيره من أصحابنا قال: وإليه مال الفقهاء المالكية من البغداديين ولم يلتفتوا إلى رواية ابن القاسم، لكن قال في التوضيح في آخر كلامه: قال صاحب البيان: إنما ذكره ابن عبد البر حمله على المدونة وليس حمله بصحيح. خصص صاحب البيان الخلاف الذي في إبراد المنفرد بالصيف قال: ولا يبرد المنفرد في الشتاء اتفاقا انتهى. واقتصر ابن عرفة على عز وهذا القول للباجي عن ابن القاسم ولابن عبد البر عن ابن القاسم والله أعلم.
تنبيهات: الأول: قال في التوضيح: ألحق اللخمي بالمنفرد الجماعة التي لا تنتظر غيرها أي كاهل الزوايا انتهى. وقال ابن عرفة: إلحاق اللخمي الجماعة الخاصة كالفذ أول الوقت انتهى.
قلت: ظاهر كلامهم أنه اختاره من عنده وكلامه في التبصرة يقتضي أنه المذهب فإنه قال: وأما الفذ فيستحب له أول الوقت وكذلك الجماعة إذا اجتمعت أول الوقت ولم يكونوا ينتظرون غيرهم فإنهم يصلون حينئذ ولا يؤخرون انتهى. قال في الشامل: والأفضل لفذ تقديم الصلاة مطلقا. وقيل: كالجماعة وألحق به أهل الربط والزوايا ونحوهم ممن لا ينتظرون غيرهم انتهى. وجعل البساطي في المغني كلام اللخمي خلافا وليس بظاهر ونصه: واختلف هل الجماعة التي لا تطلب غيرهم كأهل الربط والمدائن كغيرها - وهو ظاهر كلام المتقدمين أو هي كالمنفرد وهو اختيار اللخمي؟ على قولين انتهى.
قلت: تعليل كلام المتقدمين بإدراك الناس الصلاة يدل على أن ما قاله اللخمي هو المذهب والله أعلم.
الثاني: قد يكون التأخير أفضل أو واجبا كمن عدم الماء ورجا وجوده في آخر الوقت كما تقدم في باب التيمم، وكالحائض إذا طهرت من الحيض وتأخر مجئ القصة. وعندي أن من كان في ثوبه أو بدنه نجاسة ورجا وجود الماء في الوقت ممن يجب عليه التأخير. وكذا من كان به عذر منعه القيام ورجا إزالته في الوقت فتأمله والله أعلم.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست