مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٥٠٥
والقوة، وذلك مفسر في رسم البز. وأما الميلان فهو كثير ليس عليه في سفر ولا حضر أن يعدل عن طريقه ميلين، لان ذلك مما يشق. قاله سحنون في نوازله انتهى. وكلامه يقتضي أن مجموع الميل ونصفه يسير، وكلامه في المقدمات يدل على ذلك كما سيأتي. وقال الباجي:
ليس عليه أن يجهد نفسه في الجري، لادراك الماء، ولا أن يخرج عن مشيه المعتاد، ولا أن يعدل عن طريقه أكثر مما جرت العادة بالعدول له في الاستسقاء من العيون والمياه التي يعدل لها عن الطريق والخروج إليه وإن خرج إليه فاته أصحابه، فإنه يتيمم ولم يحد فيه حدا. وروى ابن المواز عن مالك: إن لم يخف في نصف الميل إلا العناء فمن الناس من يشق عليه مثل ذلك. قال محمد: فتأمل قوله والمرأة والضعيف بخلاف القوي انتهى من المواق. وتقدم كلام ابن شاس الذي نقله في التوضيح إلا أن قوله ولا يتحدد ذلك بحد يريد ما لم يخرج عن المعتاد كما تقدم في كلام ابن رشد. وقال في المقدمات: وطلب الماء عند عدمه، إنما يجب مع اتساع الوقت لطلبه، والذي يلزم فيه ما جرت العادة به من طلبه في رحله وسؤال من يليه ممن يرجو وجوده عنده، ولا يخشى أن يمنعه إياه والعدول إليه عن طريقه إن كان مسافرا على قدر ما يمكنه من غير مشقة تلحقه مع الامن على نفسه، ولا حد في ذلك يقتصر عليه لاختلاف أحوال الناس. وقالوا: في الميلين كثير، وفي الميل ونصف الميل مع الامن إنه يسير، وذلك للراكب أو للراجل القوي القادر انتهى. وقوله كرفقة قليلة أو حوله من كثيرة إن جهل بخلهم به يعني أن المسافر يلزمه أن يطلب الماء من رفقته إذا كانت الرفقة قليلة وكان لا يتحقق بخلهم به، وإن كانت كثيرة فيلزمه الطلب من حوله. قال مالك في سماع أشهب: يسأل من يليه ومن يظن أنه يعطيه وليس عليه أن يتبع أربعين رجلا في الرفقة فيسألهم، ولكن يسأل أول من يليه ويرجو ذلك منه. وقال في سماع أبي زيد: قال مالك: إن علم أنهم يمنعونه فلا يسألهم وإن كانوا لا يمنعونه فليسألهم انتهى. وقبله ابن رشد وهو ظاهر.
فرع: قال ابن رشد في سماع أبي زيد: لو ترك طلب الماء عند من يليه ممن يرجو وجوده عنده ويظن أنه لا يمنعه وتيمم وصلى، لوجب عليه أن يعيد أبدا إذا وجد الماء انتهى.
ونقل اللخمي والمازري عن أصبغ أنه إن لم يسأل في الرفقة الكثيرة لم يعد، وفي الصغيرة يعيد في الوقت، وإن كانوا رجلين أو ثلاثة أعاد أبدا.، وضعف اللخمي والمازري قول أصبغ بأن توجه الخطاب بالطلب من النفر اليسير من الرفقة الكثيرة كتوجهه لو كانوا بانفرادهم. قال في التوضيح: قال اللخمي: ولا وجه أيضا إلا يجابه الإعادة بعد خروج الوقت إذا كانوا مثل الرجلين والثلاث. وقال: أرى إن كان الغالب عنده أنهم يعطونه إذا طلب أن يعيد أبدا في الموضعين، وإن أشكل الامر ولم يطلب جاز أن يقال: يعيد في الوقت لان الحصل الطلب انتهى. فتحصل من هذا أنه إذا ترك الطلب ممن يليه ويغلب على ظنه أنه يغطيه أنه يعيد أبدا على ما قاله اللخمي وابن رشد، سواء ترك ذلك من رفقة قليلة أو كثيرة خلافا لأصبغ، وإن
(٥٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 ... » »»
الفهرست