مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٥٠٢
بالصلاة لا من جهة الموالاة فتأمله انتهى. وما قاله ظاهر صرح به سند. قال في شرح قوله في المدونة: قال ابن القاسم فيمن فرق تيممه وطال، ذلك ابتدأ التيمم لأنه لا يجوز أن يتقدم على الصلة بأمر يطول، وإنما يكون متصلا بها انتهى. ولهذا جزم في المختصر بلزوم الموالاة فيه ولم يشبهه بالوضوء كما فعل بالغسل. المعنى الثاني أن يريد موالاته مع ما فعل له وعلى هذا حمل البساطي قال: وإنما حملناه على هذا لاستلزامه الموالاة بين أفعاله بخلاف العكس انتهى. ولا إشكال في اشتراط اتصال التيمم بما فعل له فرضا كان أو نفلا كما تقدم في كلام التوضيح هنا. وصرح بذلك غير واحد، قال في الطراز: إذا ثبت جواز التنفل بالتيمم فذلك بشرط الاتصال به، وإن تنفل بعد فرضه فيكون ذلك متصلا بالفريضة، وإن تيمم ليتنفل شرع في تنفله عقيب تيممه قال في العتبية: من تيمم لنافلة في غير وقت الفريضة ثم تأخر تنفله فلا يتنفل بذلك، وكذلك على هذا لا يجزئه أن يتيمم أو لوقت الفريضة ويؤخر فعلها إلى آخره خلافا للشافعي، وسنبين الأصل فيه انتهى. وقال في الجلاب: ولا يتيمم لصلاة قبل وقتها ولا في أول وقتها ويؤخر فعلها، ومن شرط التيمم أن يكون متصلا بالصلاة. قال التلمساني: وخالف ابن شعبان في المسألتين، فأجازه قبل الوقت وبعده وإن تراخى عن الصلاة انتهى، وفي العمدة لابن عسكر مختصر المعونة وله شرطان: طلب الماء واتصاله بالصلاة، فلا يجزئ قبل دخول الوقت ولا بعده متراخية عنه انتهى. وصرح بذلك ابن رشد في المقدمات ويأتي لفظه عند قول المصنف ونية استباحة الصلاة وابن بشير في كتاب التحرير والشبيبي وغير واحد من المتأخرين. وقال سند في شرح المدونة: من تيمم للفريضة فصلى نافلة قبلها إنه يعيد التيمم.
وجهه أن التيمم لا يرفع الحدث وإنما تستباح به الصلاة عند الحاجة إلى فعلها فمتى وقع في حالة يستغنى عنه فيها لم يصح، فالذي يتيمم للظهر ثم شرع في غيرها قد تيمم لها في وقت وهو مستغن عن التيمم لها فيه إذ الحاجة لها إنما تكون عند الشروع في فعلها انتهى باختصار.
ونحوه لابن يونس، وكذا ما تقدم عن ابن رشد وما تقدم في التوضيح عن سماع ابن أبي زيد فيمن تيمم لنافلة ثم خرج من المسجد لحاجة ثم عاد لا يتنفل به ولا يمس مصحفا ووجهه ابن رشد بنحو ما تقدم والله أعلم.
فرع: قال البرزلي في مسائل الصلاة: وسئل السيوري عمن تيمم ثم دخل في الفريضة ثم حصل له شك في الاحرام فقطع، هل يعيد التيمم؟ فأجاب بأنه لا يلزمه إعادة التيمم. قال البرزلي: يريد إذا لم يطل فإن طال فإنه يبطل تيممه انتهى.
تنبيه: وعلم من هذا أن التيمم لا يضره أن يكون قبل الإقامة - والله تعالى أعلم - بل ذلك هو المطلوب فإن إقامة المحدث مكروهة كما سيأتي في باب الاذان. وكلام ابن عبد السلام في ذلك المحل كالصريح في ذلك، وسيأتي في محله إن شاء الله تعالى فتأمله والله تعالى أعلم.
(٥٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 ... » »»
الفهرست