مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٥٠٩
ثلاثة أمور: رفع الحدث، واستباحة ما لا يستباح، إلا برفع الحدث، والفريضة، وذكر هنا استباحة الصلاة وأخرج نية رفع الحدث وبقيت نية الفريضة مسكوتا عنها من جهته، والظاهر عندي أنها تكفي ههنا كما في الوضوء، ولا يكون قول ابن الحاجب وينوي استباحة الصلاة لا رفع الحدث للحصر كما يوهمه لفظه انتهى. ويأتي مثله في كلام المصنف، وأشار المصنف بقوله لو تكررت إلى أن الجنب ينوي استباحة الصلاة من الحدث الأكبر ولو تكررت أي الصلاة على ظاهر المذهب، قاله اللخمي: وخرج على قول ابن شعبان أن له أن يصيب الحائض إذا طهرت بالتيمم أن ينوي الأصغر ويجزئه، وعلى هذا المعنى حمله أكثر الشراح. وقال البساطي: الأحسن أن يقول ولو تكرر أي التيمم ويعني به إذا نوى الأكبر ثم احتاج إلى تيمم فلا بد من نيته أيضا وإن لم يحصل منه حدث أصغر انتهى. وتقدم أن الضمير عائد على الصلاة. وقال الشارح في الصغير: أي نية التيمم. وقال في الكبير والوسط: يحتمل أن يكون راجعا لقوله وطلبه لكل صلاة أي يطلب الماء لكل صلاة ولو تكررت الصلاة انتهى. والأول أقرب إلى لفظه ويحتمل عوده إلى الجميع.
فرع: قال ابن عرفة بعد ذكره هذا الفرع ابن العربي: لو بال بعد تيممه لجنابة جاز أن يقرأ لان الحدث الأصغر إنما يبطل التيمم في أحكامه كما لا يبطل الطهارة الكبرى. قال ابن عرفة: قلت: هذا مخالف لنقل اللخمي عن المذهب، موافق لاخذه انتهى. وما قاله ابن عرفة ظاهر فقد تقدم عن المدونة أنه يعود جنبا على ما اختصر أبو محمد بن أبي زيد. وقال سند: إذا تيمم من الجنابة لفريضة فصلاها فله أن يصلي بذلك نافلة أو يتلو القرآن، فإن أحدث فلا يتلو حتى يتيمم. وقال بعض الشافعية: يقرأ لان الحدث الطارئ لا يمنع من القراءة وهو فاسد فإن التيمم وإن كان من الجنابة فهو يبطل بالحدث بدليل أنه إذا تيمم، فلما فرغ من تيممه من الجنابة أحدث لزمه أن يعيد التيمم من الجنابة انتهى.
فرع: وقال سند أيضا: إذا تيمم المريض والمجدور ومن في بابه من الجنابة ثم أحدث حدث الوضوء وهو قادر على الوضوء لم يتوضأ لان الجنابة قائمة حتى يغتسل فلا يدخل عليها بالحدث الأصغر فهو يتيمم من الجنابة لكل صلاة.
تنبيه: ليس في المختصر ما يؤخذ منه أن الجنب يتيمم إلا قوله هنا ونية أكبر إن كان وما يؤخذ من فصل الجبيرة، وقد صرح بذلك في المدونة في غير موضع قال فيها: والتيمم من الجنابة ومن الوضوء سواء. قال أبو الحسن في الصفة والمشروعية وقال فيها: قال مالك: وإذا تيمم الجنب وصلى ثم وجد الماء أعاد الغسل فقط وصلاته الأولى تامة. قال أبو محمد: ما لم يكن في بدنه نجاسة، قال ابن اللباد: وتكون الجنابة من وطئ فيكون ذكره نجسا من رطوبة فرج المرأة. قال المشذالي: وإن كانت من احتلام فلا بد أن يبقى على رأس ذكره أثر المني نجس، فلا
(٥٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 514 ... » »»
الفهرست