مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٣٨٦
كل شئ، قاله في القاموس. قال ابن بشير قال الأشياخ: لا يخلو الموضع المقصود للبول من أربعة أقسام: إن كان طاهرا رخوا فالأولى الجلوس لأنه أقرب للستر ولا يحرم القيام، وإن كان صلبا نجسا فينبغي أن يتركه ويقصد غيره لأنه إن قام خاف أن يتطاير عليه، وإن جلس خاف أن يتلطخ بنجاسة الموضع. وإن كان الموضع صلبا طاهرا فليس إلا الجلوس لأنه يأمن التلطخ بالنجاسة إن جلس ولا يأمنها إن قام. وإن كان رخوا نجسا فليس هناك إلا القيام لأنه يأمن التطاير وإن جلس خاف التلطخ. ومحصول هذا أنه يجتنب النجاسة ويفعل ما هو أقرب للستر، واجتناب النجاسة آكد من الستر إذا كان بموضع لا يرى فيه انتهى. وأصله للباجي في كتاب الطهارة من المنتقى والظاهر أن المصنف رحمه الله تعالى تكلم هنا على الموضع الرخو فقط فأشار إلى الرخو الطاهر بقوله ندب القاضي الحاجة جلوس وإلى الرخو النجس بقوله ومنع برخو نجس. فأما ما ذكره في القسم الأول فهو معنى قول ابن بشير فالأولى الجلوس. وقال الباجي: هو أولى وأفضل وليس هذا معارضا لقوله في المدونة ولا بأس بالبول قائما في موضع لا يتطاير فيه لان لا بأس ترد لما غيره خير منه. وقال في المدخل: اختلف في البول قائما فأجيز وكره، والمشهور الجواز إذا كان في موضع لا يمكن الاطلاع عليه وكان الموضع رخوا فإنه يستشفى به من وجع الصلب، وعلى ذلك حملوا ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام أنه بال قائما انتهى. وليس مراده بالجواز استواء الطرفين وإنما مراده نفي الكراهة الشديدة وإن كان تركه أولى. وقال في الطراز: والقياس أن ذلك لا يكره إذا سلم من إصابة البول والهتكة إذ ليس فيه ما يؤدي إلى تضييع واجب ولا ارتكاب محظور. وأما ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى في القسم الثاني من منع الجلوس فينبغي أن يحمل على الكراهة ولا يحمل على ظاهره، وليس في كلامهم ما هو صريح في المنع، وقد تقدم لفظ ابن بشير، ولفظ الباجي قريب منه ونصه: وإن كان الموضع دمثا وهو مع ذلك قذر بال البائل فيه قائما ولم يبل جالسا، لان جلوسه يفسد ثوبه وهذا يأمن من تطاير البول إذا وقف. وقال في التوضيح: وإن كان رخوا نجسا بال قائما مخافة أن تنجس ثيابه. وأقوى ما رأيت في ذلك عبارة ابن عرفة فإنه لما حكى كلام الباجي وابن بشير قال الباجي وابن بشير عن الأشياخ قيامه برخو طاهر جائز، ومقابله بدعة أي يتركه وجلوسه بصلب طاهر لازم ومقابله مقابله. فيفهم من قوله ومقابله مقابله أن القيام لازم وليس في الكلام المتقدم ما يقتضي أن الجلوس حرام والقيام واجب إذا تحفظ الشخص على ثيابه، بل عبارة الجواهر صريحه في الجواز فإنه قال لما عد الآداب: وأن يبول جالسا إن كان المكان طاهرا، فإن كان نجسا رخوا فله أن يبول قائما. وذكره في الذخيرة وقبله فتأمله. ولم يتابع صاحب الشامل المصنف على التصريح بالمنع بل قال: وجلوسه بمكان رخو إن كان طاهرا وإلا بال قائما والله تعالى أعلم. وأما الموضع الصلب فأطلق رحمه الله تعالى فيما يأتي أنه يستحب اجتنابه. قال ابن غازي: ولا أعرفه إلا لأبي حامد الغزالي.
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»
الفهرست