مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٣٨١
ورفقه بهم وحرصه على التخفيف عنهم، والمراد بالامر هنا أمر الوجوب واللزوم دون الندب، فهو ندب (ص) إلى السواك وليس في الندب إليه مشقة لأنه إعلام بفضيلته واستدعاء لفعله لما فيه من جزيل الثواب. وقال في حديث ابن شهاب: قوله مع كل وضوء يقتضي أن الامر بالسواك. مع كل وضوء امتنع لأجل المشقة، فهذا يثبت بهذا الحديث ويثبت بحديث الأعرج الامتناع عن الامر به في الجملة لأجل المشقة انتهى. وقال في الاكمال: لا خلاف أنه مشروع عند الوضوء والصلاة مستحب فيهما، وأنه غير واجب لنصه أنه لم يأمر به إلا ما ذكر عن داود أنه واجب بظاهر قوله عليه الصلاة والسلام عليكم بالسواك وقوله عليه الصلاة والسلام استاكوا وهذا الحديث يرد عليه ويفسر ما احتج به. وقال النووي: ثم إن السواك سنة ليس بواجب في حال من الأحوال، لا في الصلاة ولا في غيرها، بإجماع من يعتد به في الاجماع. وقد حكى الشيخ أبو حامد عن داود أنه أوجبه للصلاة. وقال الماوردي: هو عنده واجب لو تركه لم تبطل صلاته، وحكى عن إسحاق أنه قال: إنه واجب وإن تركه عمدا بطلت صلاته. قال: وقد أنكر أصحابنا المتأخرون على الشيخ أبي حامد وغيره، نقل الوجوب عن داود وقالوا: إن مذهبه أنه سنة كالجماعة ولو صح إيجابه عن داود لم يضر مخالفته في انعقاد الاجماع على المختار الذي عليه المحققون. وأما إسحاق فلم يصح هذا الحكم عنه انتهى.
ثم قال: والسواك مستحب في جميع الأوقات ولكنه في خمسة أوقات أشد استحبابا: أحدها:
عند الصلاة سواء كان متطهرا بماء أو بتراب أو غير متطهر كمن لم يجد ماء ولا ترابا. الثاني:
عند الوضوء. الثالث: عند قراءة القرآن. الرابع: عند الاستيقاظ من النوم، الخامس: عند تغير الفم وتغيره يكون بأشياء منها ترك الأكل والشرب، ومنها أكل ما له رائحة كرية، ومنها طول السكوت. ومنها كثرة الكلام انتهى. وقال في الذخيرة: وأما وقته فقال في الطراز: يستاك قبل الوضوء ويتمضمض بعده ليخرج الماء ما ينثره السواك، ولا يختص السواك بهذه الحالة بل في الحالات التي يتغير فيها الفم كالقيام من النوم أو لتغير الفم لمرض أو جوع أو صمت كثير أو مأكول مغير. قال: وأما آلته فهي عيدان الأشجار لأنه سنة النبي (ص) وسنة السلف الصالحين.
أو بأصبعه إن لم يجد، ويفعل ذلك مع المضمضة لأنه يخفف القلح - والقلح صفرة الأسنان - فإن استاك بأصبع حرشاء من غير ماء فحكى صاحب الطراز فيه قولين للعلماء. ويتجنب من السواك ما فيه أذى للفم كالقصب فإنه يجرح اللثة ويفسدها، وكالريحان ونحوه مما يقول الأطباء فيه فساد، وقد نص على ذلك جماعة من العلماء انتهى. ولفظ الطراز يستاك قبل وضوئه حتى إذا تمضمض بعده أخرج الماء ما ينصره السواك. وفي المجموعة ولا بأس بالاستياك
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»
الفهرست