مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٣٧٨
الثاني: الجماعة الذين نقل المصنف عنهم المنع لم يصرحوا بأن مرادهم به الحرمة، وفهم المصنف ذلك من كلامهم فإنه جعل المنع مقابلا للكراهة وفي كلام المازري ما يؤخذ منه ذلك، فإنه لما تكلم على من شك في الثالثة قال في توجيه الكراهة: مخافة أن يقع في المحظور. وأيضا استدلالهم بالحديث يدل على التحريم حيث قال فيه فمن زاد أو استزاد فقد تعدى وظلم رواه أبو داود والنسائي. وقال ابن عبد السلام في شرح قول ابن الحاجب وتكره الزيادة ما نصه: وربما فهم من أبحاثهم التحريم. قال ابن ناجي في شرح المدونة: فظاهر كلام ابن عبد السلام أنه حمل الكراهة على بابها، والأقرب ردها لقول ابن بشير ومن ذكر معه، وكذلك قول النووي أجمع العلماء على كراهة الزيادة على الثلاث إن صح ما ذكره من الاجماع فيحمل على التحريم قال: والمراد بالثلاث المستوعبة العضو، وأما ما لو لم يستوعب العضو إلا بغرفتين فهو غرفة واحدة، وما ذكره جار على مذهبنا لان الفضيلة أو السنة إنما هو أمر من وراء الفرض والله تعالى أعلم انتهى.
قلت: وصرح القرافي في الذخيرة بالتحريم فقال: ودليل تحريم الرابعة وذكر الحديث. وعبارة ابن بشير أقوى في الدلالة على المنع من وجه لكنها قد يؤخذ منها أن ذلك على الكراهة من وجه آخر فإنه قال: فمن عم العضو في مرة واحدة فقد أتى بالفرض، ووقع لمالك كراهة الاقتصار على الواحدة خيفة أن لا يعم بها، أو خيفة أن لا يراه من لا يحسن فيقتدي به فلا يعم بواحدة.
الثالث: أن المقتصر على الواحدة تارك للفضل، وتارك الفضل مقصر، ولا يجوز الاقتصار على الواحدة بإجماع كما لا تجوز الزيادة على الثلاث إذا عم بها بإجماع انتهى. فقوله لا يجوز أقوى في الدلالة على المنع لكن تشبيه ذلك بالاقتصار على الواحدة يدل على أن المراد بذلك الكراهة لأنا لا نعلم أن أحدا يقول بحرمة الاقتصار عليها بل الكلام في كراهة الاقتصار عليها. وقد تقدم عن الشبيبي أن المشهور في ذلك الجواز من غير كراهة، واقتصر ابن عرفة على قوله والرابعة ممنوعة. ابن بشير: إجماعا وترك بقية كلامهم ولم يذكر غيره، وأما ابن ناجي فاقتصر على آخر كلام ابن بشير ولكنه ذكر كلام عبد الوهاب واللخمي والمازري وابن رشد وابن شاس وابن الحاجب.
الثالث: قال في التوضيح: فوجه الكراهة أنه من ناحية السرف في الماء، ووجه المنع الحديث المتقدم ذكره والله تعالى أعلم.
الرابع: قال في الذخيرة: قوله (ص) فمن زاد أو استزاد يحتمل معنيين: أحدهما التأكيد، والثاني أن المراد بقوة زاد فيمن توضأ بنفسه فزاد الرابعة، وقوله استزاد فيمن يوضئه
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»
الفهرست