مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٣٣٠
قلت: وهذا إذا تيقن أنه ترك لمعة أو عضوا، فإن لم يتيقن ذلك بل شك فقال في المدونة: ومن شك في بعض وضوئه فلم يتيقن أنه غسله فليغسل ما شك. قال اللخمي: إن كان ذلك بحدثان وضوئه نظر، فإن كان على العضو بلل كان ذلك دليلا على أنه غسله، وإن لم يكن به بلل غسله، وإن كان ذلك بعد طول مما يجف فيه لو كان غسله فإن عليه غسله إلا أن يكون ممن يتكرر ذلك عليه انتهى والله أعلم.
فرع: من ذكر لمعة من غسله أو عضوا فحكمه حكم من ذكر ذلك من وضوئه إلا أنه لا يعيد ما بعد ذلك لان الغسل لا ترتيب فيه، صرح بذلك الجزولي وغيره. ولا يغسلها ثلاثا لان التثليث غير مستحب في الغسل كما يفهم ذلك من كلام ابن بشير وغيره.
فرع: قال في النوادر: وأعرف لبعض أصحابنا فيمن ذكر لمعة من الوضوء من إحدى يديه لا أدري من أي يد هي، إلا أنه يعلم موضعها من إحدى اليدين، إن كان بحضرة الماء غسل ذلك الموضع من يده اليمنى ثم غسل يده اليسرى وأعاد بقية وضوئه، وإن طال غسل ذلك الموضع من اليدين جميعا.
فرع: فإن ذكر مسح رأسه لم يجزه أن يمسحه بما في ذراعيه أو لحيته من بلل لقلة ما يتعلق بذلك من الماء إلا أن تكون لحيته عظيمة بحيث يكون فيها من الماء ما فيه كفاية المسح، فأجاز ذلك ابن الماجشون. ومعه مالك في المدونة وخرج ابن رشد وصاحب الطراز ذلك على حكم الماء المستعمل. قال في المدونة: وإن ذكر في صلاته أنه نسي مسح رأسه قطع ولم يجزه مسحه بما في لحيته من بلل، ويأتنف مسحه ويبتدئ الصلاة ولا يعيد غسل رجليه إن كان وضوؤه قد جف. قال ابن ناجي: ظاهره أنه لو فعل أعاد أبدا وهو كذلك، عزاه العتبي لابن القاسم، وعزاه لمالك انتهى. ونص ما في العتبية في رسم سلف من سماع ابن القاسم:
وسئل مالك عن مسح رأسه بفضل ذراعيه قال: لا أحب ذلك. قيل لابن القاسم: فلو مسح بفضل ذراعيه وبفضل لحيته ثم صلى ولم يذكر ذلك حتى خرج الوقت. قال: يعيد، وإن ذهب الوقت وليس هذا بمسح. قال ابن رشد: أما مسح رأسه بفضل ذراعيه فلا يجوز لأنه لا يمكن أن يتعلق بهما من الماء ما يمكنه به المسح. وليس في قول مالك لا أحب دليل على الاجزاء لأنه يقول لا أحب فيما لا يجوز عنده بوجه، لان العلماء يكرهون أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام فيما طريقه الاجتهاد، ويكتفون بقولهم أكرهه ولا أحبه ولا بأس به وما أشبه هذا من الألفاظ، فيكتفي بذلك عن قولهم. وكذلك فضل اللحية إذا لم يتعلق بها من الماء ما يكفيه للمسح، وعلى هذا تكلم في هذه الرواية بدليل قول ابن القاسم وليس هذا بمسح.
وقد اختلف فيمن عظمت لحيته فكان فيما يتعلق بها من الماء كفاية للمسح، وأجاز ابن الماجشون لمن ذكر مسح رأسه وقد بعد عنه الماء أن يمسح بذلك البلل ومنع من ذلك مالك في
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»
الفهرست