مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٣٦
الطهور وانفصل الماء عن المحل طهورا فإنه لا يلزم عصره لعموم الأحاديث، ولان الفرض أن الماء قد انفصل طهورا والماء الباقي في المحل كالمنفصل وخالف في ذلك أبو حنيفة وبعض الشافعية فقالوا: لا يطهر الثوب حتى يعصر والله أعلم. ص: (مع زوال طعمه لا لون وريح عسرا) ش: قوله: مع متعلق بيطهر هذا هو المتعين، وأجاز البساطي أن يتعلق بقوله: ولا يلزم عصره وهو بعيد، والمعنى أن محل النجس يطهر بكذا مع زوال طعم النجس، فجن بقي طعم النجس لم يطهر لان بقاء الطعم دليل على بقاء النجاسة فلا بد من إزالة الطعم وإن عسر. وقوله: لا لون وريح معطوفان على زوال على حذف مضاف تقديره لا زوال لون وريح عسر زوالهما أي يطهر محل النجس بكذا بشرط زوال طعم النجس لا بشرط زوال اللون والريح إذا عسرا، وإن لم يعسر زوالها لم يطهر المحل مع بقاء واحد منهما، وبقاء اللون أشد من بقاء الريح. قال في الجواهر: لو بقي الطعم بعد زوال الجرم في رأي العين فالمحل نجس لان بقاءه دليل على بقائه، وكذلك لو بقي اللون أو الريح وقلعه متيسر بالماء فإن تعسر قلعه عفي عنه وكان المحل طاهرا، ونقله في الذخيرة وزاد: كما يعفى عن الرائحة عن الاستنجاء إذا عسر زوالها من اليد أو المحل.
تنبيهات: الأول: إن قيل: كيف يتصور إدراك بقاء الطعم فإن ذوق النجاسة لا يجوز؟
فالجواب أن ذلك بعد الوقوع أي لو ذاق فوجد الطعم لم يطهر. ويمكن تصوير ذلك ابتداء فيما إذا كانت النجاسة في الفم أو دميت اللثة، قالها بن فرحون، زاد البلقيني من الشافعية، وكذا لو غلب على ظنه زوال الطعم فيجوز له ذوق المحل استظهارا وهو ظاهر والله تعالى أعلم.
الثاني المعتبر في إزالة ذلك هو الإزالة بالماء كما يفهم من قول الجواهر المتقدم وقلعه متيسر بالماء، فيفهم منه أنه إذا أمكن زوال اللون والريح بغير الماء لم يجب وهو كذلك، ونحوه في كلام ابن العربي، وابن الحاجب، ولو أمكن زوال اللون والريح بأشنان أو صابون فالظاهر أنه لا يجب، وللشافعية في ذلك خلاف. وفي حديث خولة بنت يسار في الدم العسر الزوال قال (ص): يكفيك الماء ولا يضرك أثره. وقيس الريح على اللون بجامع المشقة.
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست