مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٣٢
النجس وزيادة ثوب كالأواني. وقال ابن مسلمة: كذلك ما لم يكثر هذا تحصيل ابن عرفة.
وحكى ابن الحاجب القولين الأولين فقط.
تنبيهات: الأول: قال في التوضيح: ظاهر كلام ابن الحاجب يتحرى في الثياب عدم اشتراط الضرورة وكلامه في الجواهر قريب منه، ونص سند على أنه إنما يتحرى في الثوبين عند الضرورة وعدم وجود ما يغسل به الثوبين انتهى.
قلت: وهكذا نقل صاحب الجمع عن ابن هارون أنه إنما يتحرى إذا لم يجد ثوبا طاهرا أو ما يطهر به ما اشتبه عليه من الثياب، ونقله عن سند أيضا قال: وظاهر كلام ابن شاس وغيره الاطلاق من غير تقييد بضرورة وهو غير صحيح، لأنه إذا لم يكن مضطرا فقد أدخل احتمال الخلل في صلاته بغير ضرورة انتهى. وهو ظاهر، وعلى هذا فلا فرق بين الشك في الثوبين أو في الثوب الواحد في وجوب الغسل مع عدم الضرورة، وأما مع الضرورة فيتحرى في الثوبين، وأما الثوب الواحد فلا فائدة للتحري فيه إلا في الصورة التي تقدمت عن التوضيح وهي ما إذا لم يجد من الماء ما يغمر به الثوب وضاق الوقت، وهكذا قال سند بعد أن ذكر الفرق بين الثوبين: والثوب الواحد بأنه إذا تحرى في الثوبين صلى بأحدهما من غير غسل، وأما الثوب الواحد فلا بد من الغسل والشك في جميع الثوب فيغسل جميعه. قال: وفي التحقيق لا فرق بينهما وذكر ما تقدم. وقال ابن غازي: وقد أغفلوا كلهم ما في سماع ابن أبي زيد من كتاب الصلاة وذكر عنه قولين: أحدهما عن مالك يصلي في أحدهما ثم يعيد في الوقت إن وجد ثوبا طاهرا كما في الثوب الواحد، والثاني عن ابن القاسم كقول ابن الماجشون إنه يصلي في أحدهما ثم يعيد في الآخر ولا إعادة عليه بعد ذلك. قال ابن رشد: قول ابن القاسم استحسان لأنه يرى إذا صلى بأحدهما ثم أعاد في الأخرى مكانه فقد تيقن أن إحدى صلاتيه قد وقعت بثوب طاهر وفيه نظر، لأنه إذا صلى بأحدهما على أنه يعيد في الآخر فلم يعزم في صلاته فيه على أنها فرضه إذا صلى بنية الإعادة فحصلت النية غير مخلصة للفرض، وكذلك إذا أعادها لم يخلص نيته في إعادته للفرض لأنه نوى أنها صلاته إن كان هذا الثوب هو الطاهر. وقول مالك أصح وأظهر من جهة النظر والقياس، لأنه يصلي في أحدهما على أنه فرضه فيتحرى صلاته إذ لو لم يكن عليه غيره وصلى به وهو عالم بنجاسته لأجزأته صلاته، ثم إن وجد في الوقت ثوبا طاهرا أعاد استحبابا انتهى كلام ابن رشد. وما ذكره من النظر فيما إذا صلى بأحدهما ثم أعاد في الآخر يأتي نحوه لابن رشد في اشتباه الأواني، ويأتي الجواب عنه.
وما ذكره ابن غازي عن سماع ابن أبي زيد حسن، والظاهر أن معنى قول مالك يصلي بأحدهما أي بعد أن يتحرى ولا أظن أن أحدا يجيز له الصلاة في أحدهما بلا تحر مع إمكان التحري، اللهم إلا إذا تحرى أي اجتهد فلم يترجح أحدهما على الآخر، فحينئذ يصلي في أحدهما، وعلى هذا فهو موافق للقول الذي مشى عليه المصنف. وقوله: إنه إن وجد ثوبا أعاد
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»
الفهرست