مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٣٠
نص القاضي أبو بكر على أن الأرض يكفي في تطهيرها صب الماء عليها فقط والبول وغيره إذا صب عليه الماء متتابعا حتى يتحقق زوال النجاسة أنه يطهر ولا يحتاج إلى عرك ولا عصر. وقال ابن شعبان في الزاهي: وطهور الأرض من البول صب دلو من ماء عليها ومن أصابه نجس وهطل عليه المطر فاغتسل به طهره ذلك ولو كان جنبا انتهى. وقال الآبي عن المازري في شرح حديث الأعرابي في شرح قوله: فدعا بذنوب من ماء فصب عليه فيه أن النجاسة المائعة دون لزوجة يكفي في تطهيرها صب الماء واتباعه دون ذلك، وكما لا يشترط فيه الدلك لا يشترط فيما يغسل به من الماء قدر معين بل ما يغمر النجاسة ويغلب عليها، لان المقصود ذهاب عين النجاسة، وإذا زالت بصب الماء دون غيره لم تفتقر إلى الدلك، وهذا فيما لا يظهر له عين بعد صب الماء كالبول. وحده بعضهم بأن يكون الماء سبعة أمثال البول، فلا يشترط في الماء أن يقطر بعد صبه عليها إلى الأرض بل إذا صب الماء وغمر النجاسة استهلكت وذهب حكمها، فإن اندفعت الغسالة إلى موضع آخر من أرض أو بدن أو ثوب أو خرجت من الحصير إلى الأرض التي تحتها، فيشترط في طهارة ما اندفعت إليه أن تكون الغسالة المندفعة غير متغيرة لان المتغيرة نجسة فإن اندفعت متغيرة صب عليها حتى تندفع غير متغيرة انتهى. وقال سند رحمه الله تعالى في كتاب الحج في غسل ثوب المحرم: فإن كانت النجاسة لا تفتقر إلى حت وعرك كالبول والماء النجس فإنه يواصل صب الماء ويتواصل ويتلطف في غسل ذلك انتهى. وذكر ابن فرحون عن الشيخ تقي الدين عن بعض المتأخرين أن النجاسة العينية لا يكفي إجراء الماء عليها ولا بد من محاولة إزالة أوصافها الثلاثة:
الطعم واللون والريح، وأما وجد منها انتهى. فعلم منه أن الحكمية هي التي لا طعم لها ولا لون ولا ريح كالبول إذا جف وطال أمره، والعينية نقيض الحكمية وبهذا فسرهما الشافعية.
والحاصل: مما تقدم أن المقصود إزالة النجاسة فالتي يمكن زوالها بالماء كالبول والماء المتنجس أو بمكاثرة صب الماء كالمذي والودي لا يحتاج إلى عرك ودلك، وما لا يزال إلا بالعرك والدلك فلا بد له من ذلك وهذا معنى قوله في الجواهر: ولا يكفي مرور الماء على المحل بل لا بد من إزالتها عنه بإذهاب العين والأثر انتهى. لان معناه أن مرور الماء لا يكفي في كل نجاسة بل المقصود إزالة عينها وأثرها فيعتبر في كل نجاسة ما يزيل ذلك، وسيأتي في الكلام على النية في النضح عن ابن عرفة أن حكم إزالة النجاسة ورود الماء عليها والله تعالى أعلم.
وقوله: بلا نية يعني به أن إزالة النجاسة لا يشترط فيها النية، هذا هو المعروف. وحكى القرفي قولا بأنها تفتقر للنية وهو ضعيف، بل حكى ابن بشير وابن عبد السلام الاتفاق على عدم افتقارها للنية. وحكى ابن القصار وابن الصلاح من الشافعية الاجماع على ذلك، واستشكل ابن عبد السلام قولهم لا تفتقر لنية مع قولهم لا تزال إلا بالماء المطلق، فإن الأول يدل على أنها معقولة المعنى، والثاني على أنها تعبد فهو تناقض. قال ابن ناجي رحمه الله تعالى: وما ذكره
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست