مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٢٦
وقال في التوضيح: وأكثر مثلهم في السيف إنما هو في الدم، فيحتمل أن لا يقصر الحكم عليه، ويحتمل القصر لأنه الغالب من النجاسات الواصلة إليه انتهى. وأصله لابن عبد السلام، وقوله:
مباح ذكر في التوضيح هذا القيد عن بعضهم فقال: وقيد بعضهم العفو بأن يكون الدم مباحا كما في الجهاد والقصاص، ولا يعفى عن دم العدوان انتهى. ونحوه لابن عبد السلام، وزاد فقال: وهذا يجري على الخلاف في العاصي هل يترخص أم لا؟
قلت: والقيد المذكور مأخوذ من كلام صاحب النوادر الآتي ذكره ولذا اعتمده المصنف هنا، ويدخل في المباح ما كان من ذكاة شرعية ويخرج ما كان عن ذكاة غير شرعية.
تنبيه: لم يشترط المصنف في العفو مسح الدم. قال في التوضيح: وهو الذي نقله في النوادر عن مالك وابن القاسم ولفظه: قال مالك: ولا بأس بالسيف في الغزو وفيه دم أن لا يغسل. قال في المختصر: ويصلي به قال عيسى في روايته عن ابن القاسم عن مالك: مسحه من الدم أو لم يمسحه. قال عيسى: يريد في الجهاد أو في الصيد الذي هو عيشه انتهى كلام التوضيح.
قلت: ونحوه في رسم الشريكين من سماع ابن القاسم من كتاب الطهارة وقبله ابن رشد ولم يذكر خلافه. وقال في التوضيح قبل كلامه السابق: ومعنى كلام ابن الحاجب وابن شاس أنه لا يعفى عن السيف إلا بعد المسح وكذا قال غيرهما، ونقله الباجي رحمه الله تعالى عن مالك. ابن راشد: وهو قول الأبهري وعزاه اللخمي لعبد الوهاب وابن شاس لابن العربي انتهى والله تعالى أعلم. ص: (وأثر دمل لم ينكأ) ش: يعني أنه يعفى عما يصيب الثوب والسجد من أثر الدمل من دم وقيح وصديد إذا لم ينكأ وإنما سالت بنفسها. قال في المدونة:
وكل قرحة إن تركها صاحبها لم تسل وإن نكأها سالت، فما خرج من هذه من دم أو غيره وأصاب ثوبه أو جسده غسله وإن كان في صلاة قطعها ولا يبني إلا في الرعاف إلا أن يخرج منه الشئ اليسير فيفتله ولا ينصرف، وإن كانت لا تكف وتمصل من غير أن تنكأ فليصل وليدرأها بخرقة ولا يقطع لذلك ولا يغسل منه الثوب إذا أصابه، ولا بأس أن يصلي به إلا أن يتفاحش إلا أن فيستحب له غسله، والقيح والصديد مثل الدمل. وقوله: نكأها بالهمز أي قشرها قاله عياض. والظاهر من كلامهم أن المراد أنها لم تنكأ عند خروج الدم ونحوه منها وإن كانت شتت قبل ذلك، وأنه إنما ينظر إلى حالها عند خروج المادة منها وإن كانت تسيل منها بنفسها من غير أن تقشر فيعفى عنها وإلا فلا. ومما يدل على ذلك أنهم ساووا بين أثر الدمل وأثر الجرح، والجرح إنما يكون بشق الجلد. قال ابن عبد السلام: وهذا والله أعلم في الدمل الواحدة،
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»
الفهرست