مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ١٧٢
ونقله ابن عرفة رحمه الله تعالى في أواخر كتاب الصيد. وقال بعده: قلت: يريد ويكره صيده بها لأنه استعمال لها ولم يذكره ابن رشد انتهى. والظاهر المنع من ذلك لا الكراهة لان الانتفاع بها محرم لما تقدم والله تعالى أعلم. وأما إطعام الميتة لكلابه وهي في محلها فلا خلاف في جوازه، وأما حملها لكلابه فقال في الموازية: لا يحملها لكلابه. وظاهر المدونة خلافه لقولها في كتاب البيوع، ولا يطبخ بعظام الميتة ولا يسخن بها الماء لوضوء أو عجين، ولا بأس أن يوقد بها على طوب أو حجارة للجير وحمله على أن ذلك بعد الوقوع بعيد، وعلى أنه وجدها مجتمعة فأطلق النار فيها أبعد لان طبخ الطوب والجير لا يتصور إلا بترتيب وعمل. وعلى ما في الموازية ففيه أيضا الانتفاع بالميتة فتستثني هذه الصورة من عموم قوله: لا نجس وكذلك جعل العذرة في الماء لسقي الزرع وتخليص الفضة بعظام الميتة كما تقدم من سماع ابن القاسم. ومن ذلك أيضا ما تقدم من سماع ابن القاسم في التبخر بلحوم السباع إذا لم تكن ذكيت لا بأس به إذا لم يكن دخانها يعلق بالثياب، وإن كان يعلق فلا يعجبني.
وإطلاقه عدم الانتفاع بالنجس يقتضي المنع من بيع العذرة والزبل وهو المشهور كما سيأتي في البيوع، ويقتضي أنه لا يجوز استعمال شحم الميتة في الوقيد ولا طلاء السفن ولا غير ذلك وهو المشهور كما صرح به في التوضيح وغيره. ونقل في النوادر عن ابن الجهم والأبهري أنه لا بأس أن يوقد بشحم الميتة إذا تحفظ منه.
فرع: يجوز التداوي بشرب بول الانعام بلا خلاف، وكذا بول كل ما يباح لحمه كما صرح به الجزولي وغيره وفرق في سماع أشهب من كتاب الجامع بين بول الانعام وغيرها مما يؤكل لحمه. قال ابن رشد رحمه الله تعالى: والقياس أنها إذا استوت عنده في الطهارة أن تستوي في إجازة التداوي بشربها.
فرع: تقدم أن الألبان تابعة للحوم لكن قال ابن رشد رحمه الله تعالى عن مالك: إنه لا بأس بالتداوي بلبن الأتان مراعاة للخلاف في جواز أكلها، حكى ذلك ابن حبيب عن مالك وسعيد بن المسيب والقاسم وعطاء وروى إباحة التداوي بها عن النبي (ص) وإلى إجازة ذلك ذهب ابن المواز انتهى، من سماع ابن القاسم من الصيد والذبائح وقال قبله: إن أبوالها نجسة لا يحل التداوي بشربها. قال الجزولي: وكذلك الخيل والبغال قال: ومن أجاز أكلها يجوز ذلك قال: وكذلك لبنها.
فرع: قال سند: من سقطت منه سن فالظاهر أنه لا يجوز له ردها على القول بأن الانسان ينجس بالموت لأنه عظم نجس كسن الكلب والخنزير وغيره وهو قول الإمام الشافعي، وأجازه أبو حنيفة وهو مقتضى مذهب ابن وهب من أصحاب مالك ومذهب ابن المواز. وفي البرزلي: إذا قلع الضرس وربط لا تجوز الصلاة به فإن رده والتحم جازت الصلاة به للضرورة.
فرع: قال سند أيضا: من انكسر عظمه فجبره بعظم ميتة فلا يجب عليه كسره، قاله
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست