مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ١٠٩
وظاهر كلام أبي محمد أنه ممنوع لقوله: والسرف فيه غلو وبدعة فيحتمل أن يكون الجواز مقيدا بما حصل فيه شبهة كشرب ما عادته استعمال النجاسة منه والمنع لغير سبب انتهى. وقال ابن ناجي في شرح المدونة: الصواب أنه لا معارضة بينهما وإنما كان السرف فيه بدعة فيما ذكر الشيخ أبو محمد لأنه إسراف في عبادة جاء من الشرع التقليل في ذلك، أما إراقة الماء لا في عبادة الطهارة فإنه جائز اختيارا والله علم، وإليه كان يذهب شيخنا أبو الفضل أبو القاسم البرزلي. وقال النووي: أجمع العلماء على النهي عن الاسراف في الماء ولو على شاطئ البحر، والأظهر أنه مكروه كراهة تنزيه، وقال بعض أصحابنا: الاسراف حرام انتهى. وسيأتي الكلام على ذلك عند قول المصنف: وقلة ماء بلا حد.
فائدة: أنكر بعضهم ما ورد في حديث الهرة أنها من الطوافين عليكم والطوافات وقال:
لم يخرجه أحد من أهل الصحة، وليس كذلك بل أخرجه مالك وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
فرع: قال ابن ناجي في شرح قول المدونة: ولا يتوضأ بسؤر النصراني يقوم من هذه المسألة ما شاهدت شيخنا يعني البرزلي يفتي به غير مرة أن الكافر إذا أخرج الدرهم من فيه ودفعه لمسلم أنه لا يصلي به حتى يغسله انتهى. ص: (كمشمس) ش: الظاهر أنه مشبه بالمخرج من الكراهة وعليه حمله أكثر الشراح، والمعنى أن الماء المشمس وهو المسخن بالشمس لا يكره استعماله في الطهارة، وهكذا قال ابن الحاجب وقبله ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح. قال في شرح قول ابن الحاجب: والمشمس كغيره فلا كراهة فيه وفيه تنبيه على خلاف الشافعية فإنهم يكرهون المسخن بالشمس للطب، واقتصر عياض في بعض كتبه وسند في المشمس على الكراهة انتهى.
قلت: ما ذكره عن عياض هو في قواعده ولم يذكر القباب في شرحها خلافا بل قال:
لعله إنما كرهه طبا. ثم ذكر كلام القرافي الآتي وكلام سند في الطراز يقتضي أن المذهب كراهته ونصه: فرع وكره الوضوء بالماء المسخن بالشمس من جهة الطب وهو قول الشافعي
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست