مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ١٠٦
إقامة الماء فيه، وأما ما يفرغ بسرعة ويجدد له ماء آخر فأمره خفيف والله أعلم. المعنى الثاني وعليه حمله أكثر الأشياخ أنه يكره الاغتسال في الماء الراكد وظاهره مطلقا، أما المستبحر فلا إشكال في خروجه كما صرح به في الاكمال وصرح به الرجراجي وغيره. وقال في التوضيح في آخر باب الغسل: حكى بعضهم الاجماع على خروجه. وأما ما عداه فاختلف فيه، فكره مالك الاغتسال فيه مطلقا سواء كان كثيرا أو قليلا، غسل ما به من الأذى أم لا. وأجازه ابن القاسم إذا غسل ما به من الأذى أو كان الماء كثيرا غسل ما به من الأذى أو لم يغسله. قاله ابن رشد في أول سماع ابن القاسم، ونقله في التوضيح. قال ابن مرزوق: ويفهم من كلام المصنف أن الكراهة خاصة بالغسل فيه دون الوضوء فيه، ويعطى بظاهره أن التناول منه للتطهير خارجه لا كراهة فيه انتهى.
فرع: قال في المدونة: وإن أتى الجنب بئرا قليلة الماء وبيده قذر وليس معه ما يغرف به قال مالك: يحتال حتى يغسل يديه ويغرف ويغتسل وكره أن يقول يغتسل فيها. قال ابن القاسم: فإن اغتسل فيها أجزأه ولم ينجسها إذا كان الماء معينا. قال علي عن مالك: إنما كره له الاغتسال فيه إذا وجد منه بدلا وذلك جائز للمضطر إليه إذا كان الماء كثيرا يحمل ذلك.
ورواه ابن وهب قال أبو الحسن قوله: يحتال قال ابن نافع: يأخذه بطرف ثوبه. وفي سماع موسى بفيه قال أبو عمران: ولا يكون مضافا إذا مجه مكانه ولا يتركه حتى يطول مقامه ويمضمضه. وقال ابن رشد: بثوب طاهر أو بفيه، وإن كان الماء مضافا يرقه فلا تطهر يده ولا يزول عنها حكم النجاسة فإن عينها تزول من يده ولا ينجس الماء الذي أدخلها فيه وهذا مما لا اختلاف فيه. وفي الطراز: يحتال برأسه أو لحيته أو بغرف أو عشب قال: وقول على تفسير انتهى. وقال ابن ناجي في قول علي هو طاهر لان المكروه إنما هو مع الاختيار، وأما مع الضرورة فيتعين. وقال سند: قوله: ويحتال ويغرف هذا ظاهر في البرك، وأما البئر إذا نزل ثم اغترف رجع الماء إلى البئر ولكن ينبغي أن يتلطف في إزالة النجاسة من يده وتقليلها فإن لم يجد شيئا يرفع به الماء في فيه ثم يصعد إلى أعلى البئر فيبل يديه ويمسح بالأرض يفعل ذلك مرارا فإن ذلك يقلل النجاسة من يده، فإن ضعف عن الطلوع والنزول فعل ما يمكنه، وإن لم يقدر إلا أن يبل يديه بفيه ويمسح في حائض البئر يفعله مرارا حتى لا يبقى للنجاسة في يده عين تطهر ولا تحس فلا يؤثر ما يقدر بقاؤه بيده بعد ذلك في الماء. ثم قال: فإن قيل: ما فائدة رفعه الماء بيده إلى جسده في البئر وهو يرجع إليها، فلا فرق بين أن يغرف أو ينغمس؟ قلنا:
بينهما فرق فإنه إذا اغترف وقلل الماء وبالغ في التدلك لا يكاد أن يجري في البئر منه كبير طائل. وقد أنكر مالك قول من قال في الوضوء حتى سال أو قطر من على جسده بشئ إلى البئر أمكن أن يمد يديه فيغترف من محل آخر ومراعاة للظاهر انتهى. يعني ظاهر النهي عن الاغتسال في الراكد.
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست