مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ١٠١
الرابع: من توضأ بالماء " القليل الذي وقعت فيه نجاسة ولم تغيره مع وجود غيره فعلى رواية أبي مصعب لا إعادة عليه، وانظر على المشهور هل يعيد في الوقت أو لا إعادة عليه لا في وقت ولا غيره؟ قال الرجراجي: المشهور من المذهب أنه لا يعيد أي لا في وقت ولا بعده.
وحكى ابن رشد في أول سماع ابن القاسم فيمن توضأ بسؤر النصراني وما أدخل يده فيه ثلاثة أقوال: أحدها لا يعيد الصلاة ويعيد الوضوء لما يستقبل، والثاني أنه يعيد الوضوء والصلاة في الوقت، والثالث: من توضأ بسؤره فكالقول الأول، ومن توضأ بما أدخل يده فيه فكالقول الثاني، وعلى قول ابن القاسم ومذهبه أنه نجس. وقال في المدونة والرسالة: إنه يعيد في الوقت.
واستشكل ذلك بأن من توضأ بماء نجس كمن لم يتوضأ فكان القياس أن يعيد أبدا فقيل: إنه نجس عنده لأنه قال يتركه ويتيمم، وإنما اقتصر على الإعادة في الوقت مراعاة للخلاف.
الخامس: أما الماء الجاري فحكمه كالكثير قاله المازري وأطلق، وهكذا نقله ابن عرفة عنه. وقال ابن رشد في اللباب: وأما الماء الجاري فحكمه كالكثير. قال في المدونة، وزاد ابن الحاجب: إذا كان المجموع كثيرا والجرية لا انفكاك لها ومراده جميع ما في الجرية، واحترز بعدم الانفكاك عن ميزاب السانية انتهى.
قلت: في عزوه للمدونة نظر لأني لم أقف عليه فيها ولا على من عزاه لها، ولم يعزه ابن عرفة إلا للمازري كما تقدم ولصاحب الكافي وله عزاه في التوضيح كما سيأتي. وقوله:
مراد ابن الحاجب بالمجموع جميع ما في الجرية، كذا فسر ابن عبد السلام كلام ابن الحاجب ولكنه اعترضه وقال: الحق أنه يعتبر من محل سقوط النجاسة إلى منتهى الجرية لان ما قبل محل السقوط غير مخالط. قال ابن عرفة: دعواه أن عزو ابن الحاجب يعني من أصل الجري لان ما قبل محل السقوط غير مخالط. قال ابن عرفة: دعواه أن عزوا بن الحاجب يعني من أصل الجري وهم لما ذكر من أنه غير مخالط. قال الآبي في شرح مسلم بعد أن نقل كلامهما باللفظ الذي ذكرناه وهو نقل بالمعنى ما نصه: ولا يمتنع أن يعني ابن الحاجب من أصل الجري لأنه إنما يعتبره من حيث إضافته إلى ما بعده للتكثير به، ويصدق على الجميع أنه مخالط إذ ليس من الكثير المخالط بما لا يغيره أن يمازج المخالط كل جزء من أجزاء الماء إذ ذاك محال كغدير سقطت النجاسة بطرف منه انتهى.
قلت: والظاهر ما قاله ابن عبد السلام وابن عرفة فإن ما فوق محل السقوط لا تعلق له بما بعده فلا يضره ذلك الواقع فتأمله. وقال المصنف في التوضيح: إذا كان المستعمل فوق الواقع لم تضره ولو كان الماء يسيرا. قال ابن هارون: إلا أن يقرب منه جدا انتهى.
قلت: والظاهر عندي أنه لا يضر ولو قرب جدا لأنه إذا فرض أن الماء جار فلا يمكن عوده إلى ما فوق محل السقوط فتأمله والله أعلم. وقال في الطراز في أواخر باب الماء تصيبه
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست