مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ١١٣
البيان: وذلك جرحة في دينه وقدح في شهادته. وقال في الجواهر: لا خلاف في تحريم دخوله مع من لا يستتر بل قال ابن القاسم: الظاهر أن من لم يجد سوى مائه ولا يتمكن منه إلا بدخوله ومن فيه على ما ذكر كالعادم للماء إلا أن يدخله غاضا بصره لاخراجه لا لمقامه فيه إذ لا يكاد يسلم من ذلك انتهى. فعلى قوله: إذا تعذر عليه إخراجه صار عادما للماء والله تعالى أعلم.
الثالث: إذا كان مستورا مع مستورين فقال في المقدمات قال ابن القاسم في رواية أصبغ من جامع العتيبة: لا بأس به وتركه أحسن. وقال مالك في سماع أشهب من كتاب الطهارة وقد سئل عن الغسل بالماء المسخن فيه: والله ما دخوله بصواب فكيف يغسل من ذلك الماء؟
ووجه كراهة ذلك وإن كان مستترا مع مستورين مخافة أن يطلع على عورة أحد من غير قصد إذ لا يكاد يسلم من ذلك من دخله مع الناس. وقال في كتاب الطهارة من البيان: وأما كراهة الاغتسال من مائة فلأنه يسخن بالأقذار والنجاسات ولاختلاف الأيدي، فربما تناول أخذه بيده من لا يتحفظ لدينه. وقال قبله في سماع ابن القاسم: سئل مالك عن الرجل يدخل يديه في حوض الحمام وهو ملآن يجزاه في طهارته؟ قال: نعم إذا كان طاهرا يريد بذلك الرجل والماء جميعا. وقال ابن رشد: إنه يجزئه الغسل بالشرطين جميعا لا أنه يتيح ذلك ابتداء لوجهين:
(الأول) الاغتسال في الماء الدائم، (والثاني) كراهة الاغتسال بالماء المسخن، وقال ابن ناجي في القسم الثاني: هو مكروه، وقيل: جائز. وعلى القول بالجواز يصح بعشرة شروط ذكرها ابن شاس: أن لا يدخل إلا بنية التداوي أو التطهر، وأن يقصد أوقات الخلوة وقلة الناس، وأن يستر عورته بإزار صفيق، وأن يطرح بصره إلى الأرض أو يستقبل الحائط لئلا يقع بصره على محظور، وأن يغير ما يرى من منكر برفق بقوله استتر سترك الله، وأن لا يمكن أحدا من عورته أن يدلكها وهي من سرته إلى ركبته - وقد اختلف في الفخذين هل هما عورة أم لا - وأن يدخل بأجرة معلومة بشرط أو عادة، وأن يصب من الماء بقدر الحاجة، وأن يتذكر عذاب جهنم، فإن لم يقدر على دخوله وحده اتفق مع قوم يحفظون أديانهم على كرائه، فإن لم يكنه ذلك فليجتهد في غض البصر وإن حضر وقت صلاة فيه استتر وصلى في موضع طاهر انتهى. هذه آداب منها واجب ومنها مندوب والله تعالى أعلم. وذكر ذلك في المدخل وقال فيه: وقد قال علماؤنا إنه لا يجوز أن يجتمع مستور العورة مع مكشوف العورة تحت سقف واحد ثم قال:
وقد ذكر بعض الناس أنه يجوز دخول الحمام وإن كان فيه من هو مكشوف العورة ويصون نظره وسمعه كما أنه يجوز له الاغتسال في النهر وإن كان يجد فيه ذلك، وكما يجوز له دخول المساجد وفيها ما فيها وهذا الذي ذكره محمول على زمانه، وأما زماننا فمعاذ الله أن يجيزه هو أو غيره والغالب في هذا الوقت أن شاطئ النهر فيه من كشف العورة مثل ما في الحمامات، وكذلك الفساقي التي في المياضي والرباطات إذ أنها محل كشف العورات. وما أتى عن بعض المتأخرين إلا أنهم يحملون ألفاظ العلماء على عرفهم وزمانهم وليس كذلك بل
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست