مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤٠٠
قومها التحلي بهما، أو أشبها الذهب والفضة بحيث لا يعرفان إلا بتأمل أوخموها بهما فإنهما يحرمان، قال الأذرعي:
والتمويه بغير الذهب والفضة، أي مما يحرم تزينها به، كالتمويه بهما، وإنما اقتصروا على ذكرهما اعتبارا بالغالب.
(وكذا لؤلؤ) يحرم عليها التزين به (في الأصح) لأن الزينة فيه ظاهرة، قال تعالى: * (يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا) * وتردد فيه الإمام لأنه يباح للرجل، فمقابل الأصح احتمال للإمام لا وجه للأصحاب. (و) يحرم عليها (طيب في بدن وثوب) لخبر الصحيحين عن أم عطية: كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، وأن نكتحل، وأن نتطيب، وأن نلبس ثوبا مصبوغا. (و) يحرم أيضا استعمالها الطيب (في طعام وكحل) غير محرم قياسا على البدن. وضابط الطيب المحرم عليها كل ما حرم على المحرم، وتفصيل ذلك سبق في كتاب الحج، لكن يلزمها إزالة الطيب الكائن معها حال الشروع في العدة، ولا فدية عليها في استعماله بخلاف المحرم في ذلك. واستثني استعمالها عند الطهر من الحيض وكذا من النفاس كما قاله الأذرعي وغيره قليلا من قسط أو أظفار، وهما نوعان من البخور كما ورد به به الخبر في مسلم. ولو احتاجت إلى تطيب جاز كما قاله الإمام قياسا على الاكتحال كما سيأتي. (و) يحرم عليها دهن شعور رأسها ولحيتها إن كان لها لحية لما فيه من الزينة بخلاف دهن سائر البدن، و (اكتحال بإثمد) وإن لم يكن فيه طيب، وهو بكسر الهمزة والميم: حجر يتخذ منه الكحل الأسود، ويسمى بالأصبهاني، وإنما حرم ذلك لحديث أم عطية المار، لأن فيه جمالا وزينة للعين، سواء في ذلك البيضاء والسوداء، وقيل: يجوز للسوداء.
تنبيه: أفهم كلامه جواز الحكم الأبيض كالتوتيا، وهو كذلك، إذ لا زينة فيه لكنه يوهم جواز الأصفر وهو الصبغ بفتح الصاد وكسرها مع إسكان الباء وبفتح الصاد وكسر الباء، وهو محرم على السوداء وكذا على البيضاء على الأصح لأنه يحسن العين. (إلا) اكتحال بأثمد أو صبر (لحاجة كرمد) فيجوز لها للضرورة لحديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها: أن النبي (ص) دخل عليها وهي حادة على أبي سلمة وقد جعلت على عينها صبرا، فقال: ما هذا يا أم سلمة؟ فقالت:
هو صبر لا طيب فيه، فقال: إنه يشب الوجه أي يوقده ويحسنه فلا تجعليه إلا ليلا وامسحيه نهارا وحملوه على أنها كانت محتاجة إليه ليلا فأذن لها فيه ليلا بيانا للجواز عند الحاجة مع أن الأولى تركه. وأما خبر مسلم. جاءت امرأة إلى رسول الله (ص) فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها؟ قال: لا، مرتين أو ثلاثة كل ذلك يقول: لا فحمل على أنه نهي تنزيه أو أنه (ص) لم يتحقق الخوف على عينها، أو أنه يحصل لها البرة بدونه، لكن في رواية زادها عبد الحق: إني أخشى أن تنفقئ عينها، قال: لا وإن انفقأت. وأجيب عنها بأن المراد: وإن انفقأت عينها في زعمك لأني أعلم أنها لا تنفقئ. وإذا قد علمت ذلك فإطلاق المصنف الجواز عند الحاجة ليس بجيد، فإن القائل به خصه بالليل دون النهار كما دل عليه الحديث، وصرح به الشافعي رضي الله تعالى عنه في الام كما نقله الأذرعي وغيره.
نعم إن احتاجت إليه نهارا أيضا جاز، ويمكن حمل إطلاق المصنف بالجواز على ذلك. (و) يحرم عليها (إسفيذاج) لأنه يزين به الوجه، وهو بفاء وذال معجمة: ما يتخذ من رصاص يطلى به الوجه ليبيضه، قال بعضهم: وهو لفظ مولد. (و) يحرم عليها (دمام) لأنه يزين به الوجه أيضا، وهو بضم الدال المهملة وكسرها كما في الرقائق، وضبطه في الروضة بخطه بالضم فقط: المسمى بالحمرة التي يورد بها الخد. ويحرم أيضا طلي الوجه بالصبر لأنه يصفر الوجه فهو كالخضاب. (و) يحرم (خضاب حناء) وهو مذكر ممدود مهموز، واحدة حناة، (ونحوه) أي الحناء كزعفران وورس، أي الخضاب بذلك لما في ذلك من الزينة.
تنبيه: أشعر كلامه بحرمة ذلك في جميع البدن، وبه صرح ابن يونس، لكن الذي في الروضة كأصلها عن الروياني وأقراه أن حرمته تكون فيما يظهر كالوجه واليدين والرجلين، لا فيما تحت الثياب، لأنه (ص) أذن لام سلمة
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460