مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٥٣
الأقلون - عن القياس على المسافرة بأنها تكون بالقرعة، وهي تدفع الوحشة. وإن أقرع هنا، قال الرافعي: وجب أن يجوز، وعبر في الروضة بقوله: ينبغي القطع بالجواز، أو يحمل النص على ما إذا كان ثم عذر كما نبه على ذلك بقوله: (إلا لغرض كقرب مسكن من مضى إليها) دون الأخرى، (أو خوف عليها) لكونها جميلة مثلا دون غيرها لكونها ذميمة، أو حصل تراض أو قرعة كما مر فلا يحرم عليه ما ذكر، ويلزم من دعاها الإجابة، فإن أبت بطل حقها. (ويحرم أن يقيم بمسكن واحدة) منهن (ويدعوهن) أي من بقي منهن (إليه) لأن إتيان بيت الضرة شاق على النفس، ولا يلزمهن الإجابة، فإن أجبن فلصاحبة البيت المنع وإن كان البيت ملك الزوج، لأن حق السكنى فيه لها كما قاله ابن داود.
تنبيه: التعبير بالإقامة يقتضي الدوام، وبحث الزركشي أن الحكم كذلك ولو مكث أياما على نية الإقامة، وهو ظاهر. ولو رضين كلهن بذلك جاز، ولو قال إلا برضاهن كالتي بعدها لكان أولى. (و) يحرم (أن يجمع) ولو ليلة واحدة (بين ضرتين) فأكثر (في مسكن) أي بيت واحد لما بينهما من التباغض، (إلا برضاهما) فيجوز الجمع بينهما لأن الحق لهما، ولو رجعا بعد الرضا كان لهما ذلك.
تنبيه: التعبير بالمسكن يقتضي أنه لا يلزمه في السفر إفراد كل واحدة بخيمة ومرافق، وهو ظاهر لما في إيجاب ذلك من الضرر بالزوج، وضرر الزوجات لا يتأبد فيحتمل. وإذا رضيتا بالبيت الواحد، قال الشيخان: كره أن يطأ إحداهما بحضرة الأخرى لأنه بعيد عن المروءة، وظاهره كراهة التنزيه، وبه صرح المصنف في تعليقه على التنبيه، وقضية كلام جماعة تحريم ذلك، وصرح به القاضي أبو الطيب، وصوبه الأذرعي وقال: إنه مقتضى نصه في الام، لما في ذلك من سوء العشرة وطرح الحياء اه‍. ويمكن الجمع بينهما بأن يكون محل التحريم إذا كانت إحداهما ترى عورة الأخرى.
ولو طلب الزوج ذلك وامتنعت لم يلزمها الإجابة، ولا تصير ناشزة بالامتناع، قاله الشيخان مع قولهما بكراهة الوطئ في هذه الحالة. وقول المصنف: ضرتين يقتضي جواز الجمع بين الزوجة والسرية، لأن الجوهري فسر الضرة بالزوجة، لكن صرح الماوردي والروياني بأنهما كالزوجتين، والمعتمد أنه يعتبر رضا الزوجة فقط، لأن السرية لا يشترط رضاها لأن له جمع إمائه بمسكن وهي أمة. ولو اشتملت دار على حجرات مفردة المرافق جاز إسكان الضرات فيها من غير رضاهن، والعلو والسفل إن تميزت المرافق مسكنان. ثم شرع في بيان زمان القسم وقدره، فقال: (وله) أي للزوج المقيم (أن يرتب القسم على ليلة ويوم قبلها أو بعدها) وهو أولى، وعليه التواريخ الشرعية، فإن أول الأشهر الليالي. وقضية كلامه اعتبار الليل بغروب الشمس إلى طلوع الفجر، قال ابن الرفعة: والوجه الرجوع في ذلك إلى العرف الغالب اه‍. وهذا هو الظاهر، فإن بعض الناس يبقى في حانوته إلى هدوة من الليل. (والأصل) في القسم من مقيم معيشته نهارا (الليل) لأنه وقت السكون، (والنهار تبع) له لأنه وقت الانتشار في طلب المعاش، قال تعالى:
* (وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا) *، وقال تعالى: * (هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا) *. (فإن عمل ليلا وسكن نهارا كحارس) ووقاد حمام، (فعكسه) فيكون النهار في حقه أصلا والليل تبع له لسكونه بالنهار ومعاشه بالليل، فلو كان يعمل تارة بالنهار وتارة بالليل لم يجز أن يقسم لواحدة ليلة تابعة ونهارا متبوعا لاخرى، عكسه على الأصح في زيادة الروضة لتفاوت الغرض. أما المسافر فعماده وقت نزوله من ليل أو نهار قل أو كثر، لأن الخلوة والسكون حينئذ. ويؤخذ من العلة ما قاله الأذرعي أنه لو لم يحصل الخلوة إلا حالة السير كأن كان بمحفة وحالة النزول يكون مع الجماعة في نحو خيمة كان عماد قسمه حالة سيره دون حالة نزوله حتى يلزمه التسوية في ذلك. (وليس للأول) أي
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460