مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٨٩
تنبيه: يستثنى من مفهوم قول المصنف خيانة ما لو استعمل الوديعة ظانا أنها ملكه فيضمن مع أنه لا خيانة كما في الروضة وأصلها في باب الغصب عن جزم الإمام. (أو يأخذ الثوب) من محله (ليلبسه أو الدراهم) من محلها (لينفقها) غير ظان أنها ملكه، (فيضمن) بما ذكروا إن لم يلبس ولم ينفق لاقتران الفعل بنية التعدي فإن تلف المأخوذ في يده ضمنه، فإن مضت في يده مدة بعد التعدي وجب عليه أجرة مثل تلك المدة. فيحمل قول المصنف: فيضمن على أن ذلك صار مضمونا عليه كالمغصوب حتى يتناول ضمان العين في صورة التلف والأجرة عند مضي المدة، وعلى ذلك حمل المصنف في نكته كلام التنبيه. أما إذا أخذها ظانا أنها ملكه فإنه لا يضمنها إلا إن انتفع بها كما مر.
تنبيه: احترز بقوله: الدراهم عما لو أخذ بعضها، كأن أخذ منها درهما لينتفع به، فإن رد بدله إليها لم يملكه المالك إلا بالدفع إليه ولم يبرأ عن ضمانه، ثم إن لم يتميز عنها ضمن الجميع لخلط الوديعة بمال نفسه، وإن تميز عنها فالباقي غير مضمون عليه، وإن تميز عن بعضها لمخالفته له بصفة كسواد وبياض وسكة ضمن ما لا يتميز خاصة، وإن رده بعينه إليها لم يضمن غيره من بقية الدراهم وإن تلفت كلها أو لم يتميز هو عنها لاختلاطه بها، لأن هذا الخلط كان حاصلا قبل الاخذ، وإن تلف نصفها ضمن نصف الدراهم فقط هذا كله إذا لم يفتح قفلا عن صندوق، أو ختما عن كيس فيه الدراهم، فإن فتحه أو أودعه دراهم مثلا مدفونة فنبشها ضمن الجميع وإن لم يأخذ شيئا لأنه هتك الحرز. وفي ضمان الصندوق والكيس وجهان: أوجههما كما قاله شيخنا الضمان لأنهما من الوديعة. ولو فتح الربط الذي يشد به رأس الكيس لم يضمن، لأن القصد منه منع الانتشار، إلا أن يكون مكتوما عنه فيضمن. ولو خرق الكيس من فوق الختم لم يضمن إلا نقصان الخرق، نعم إن خرقه معتمدا ضمن جميع الكيس. ولو عد الدراهم المودوعة أو وزنها أو ذرع الثوب كذلك ليعرف قدر ذلك، لم يضمنه كما جزم به صاحب الأنوار، لأن الشرع ورد بذلك في اللقطة، وهي أمانة شرعية، فهذه أولى. ولو نوى الاخذ للوديعة جنانة، أو نوى تعييبها، (ولم يأخذ) ولم يعيب، لم (يضمن على الصحيح) المنصوص، لأنه لم يحدث فعلا. والثاني: يضمن، كما لو نواه ابتداء. وأجاب الأول بأن النية في الابتداء اقترنت بالفعل فأثرت ولا كذلك هنا.
تنبيه: محل الخلاف في التضمين، أما التأثيم فلا خلاف أنه يأثم بنية الاخذ. وأفهم كلامه أنه إذا أخذها يضمن من وقت نية الاخذ، حتى لو نوى يوم الخميس وأخذ يوم الجمعة يضمن من يوم الخميس. والمراد بالنية كما قال الإمام تجريد القصد لاخذها، فأما ما يخطر بالبال وداعية الدين تمنعه فلا حكم له. وإن تردد الرأي ولم يجز قصدا، فالظاهر عندنا أنه لا حكم له حتى يجرد قصد العدوان. (ولو خلطها) أي الوديعة (بماله) وإن قل كما قاله الإمام، (ولم تتميز ضمن) لأن المودع لم يرض بذلك. فإن تميزت بسكة أو عتق أو حداثة أو كانت دراهم فخلطها بدنانير، لم يضمن. نعم إن حدث بالخلط نقص ضمنه. قال الزركشي: وليس الضابط التمييز بل سهولته، حتى لو خلط حنطة بشعير مثلا كان مضمنا فيما يظهر اه‍. وهذا ظاهر إذا عسر التمييز.
تنبيه: قوله: ضمن أي الوديعة بالمثل إن كانت مثلية، وبأقصى القيم إن كانت متقومة كالمغصوب. ويملك الوديعة كما صرحا به في باب الغصب فيما إذا خلط الحنطة والزيت ونحوهما بمثلهما له، إذ الذي لا يتميز هالك حتى ينتقل ذلك إليه ويترتب في ذمته الغرم. (ولو خلط دراهم كيسين) مثلا غير مختومين، (للمودع) ولم تتميز بسهولة: (ضمن في الأصح) لتعديه. والثاني: لا، لأن كلا لمالك واحد. أما إذا كانا مختومين أو أحدهما فإنه يضمن بالفض وإن لم يخلط كما مر، وإن كانت لمودعين فأولى بالضمان. ولو قطع الوديع يد الدابة المودعة أو أحرق بعض الثوب المودع عنده خطأ ضمن المتلف فقط دون الباقي لعدم تعديه فيه، أو شبه عمد أو عمدا ضمنهما جميعا لتعديه. فإن قيل: هذا يخالف تسويتهم الخطأ بالعمد في الضمان. أجيب بأن التسوية في ضمان الاتلاف كما في بعض المتلف في مسألتنا لا في
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460