مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٨٥
كلام الروضة وأصلها، وقيل: يضمن القسط. ورجحه ابن المقري، لأنها تلفت بالامرين. ويؤيد الأول ما لو جوع إنسانا وبه جوع سابق ومنعه الطعام أو الشراب مع علمه بالحال فإنه يضمن الجميع. (فإن نهاه عنه) أي عن الطعام أو الشراب فمات بسبب ترك ذلك، (فلا) يضمن (على الصحيح) للاذن في إتلافه، فهو كما لو قال: اقتل دابتي، فقتلها. والثاني:
يضمن، إذ لا حكم لنهيه عما أوجبه الشرع.
تنبيه: لو كانت الدابة ملكا لغيره كأن أودع الولي حيوان محجور، قال الزركشي: فيشبه أن نهيه كالعدم، وسبقه إليه الأذرعي وقيده بعلم الوديع بالحال، أي لقرار الضمان، وإلا فيضمن مطلقا، وهذا ظاهر. والخلاف المذكور في المتن في التضمين وعدمه كما ذكر، أما التأثيم فلا خلاف فيه لحرمة الروح، فعليه أن يأتي الحاكم ليجبر المالك على علفها وسقيها إن كان حاضرا أو يأذن له في النفقة ليرجع عليه إن كان غائبا. هذا إذا نهاه لا لعلة، فإن كان كقولنج أو تخمة لزمه امتثال نهيه، فلو خالف وفعل قبل زوال العلة ضمن، كذا أطلقاه. قال ابن شهبة: وينبغي أن يقيد الضمان بما إذا علم بعلتها. (وإن أعطاه المالك علفا) بفتح اللام اسم للمأكول، ولم ينهه (علفها) في الأصح، ويجوز علفها (منه، وإلا فيراجعه أو وكيله) ليستردها أو يعطي علفها أو يعلفها. (فإن فقدا) بالتثنية بخطه، أي المالك أو وكيله، (فالحاكم) يراجعه ليقترض على المالك أو يؤجرها، ويصرف الأجرة في مؤنتها أو يبيع جزءا منها أو جميعها إن رآه. قال الإمام: والقدر الذي يعلفها على المالك هو الذي يصونها عن التلف والتعييب لا ما يحصل به السمن فإن فقد الحاكم تعاطى ذلك بنفسه وأشهد ليرجع، فإن لم يشهد لم يرجع في أحد وجهين هو المعتمد كما في هرب الجمال.
نعم لو كانت راعية، قال الزركشي: فالظاهر وجوب تسريحها مع ثقة، فلو اتفق عليها لم يرجع، أي إذا لم يتعذر عليه من يسرحها معه وإلا فيرجع. (ولو بعثها) أي الدابة، (مع من) أي أمين، (يسقيها) أو يعلفها حيث يجوز إخراجها لذلك، (لم يضمن في الأصح) لجريان العادة بذلك. والثاني: يضمن، لاخراجها من حرزها على يد من لم يأتمنه المالك.
تنبيه: محل الخلاف إذا كان المبعوث معه أمينا كما مر ولا خوف، والوديع لا يخرج دوابه للسقي، أو كونه لا يسقي وعادته سقي دوابه، فمع غير الأمين والخوف يضمن قطعا، ومع إخراج دوابه للسقي أو كونه لا يسقي دوابه بنفسه لا يضمن قطعا. وقول المصنف، دابة قد يفهم أنه لو أودعه نخلا ولم يأمره بسقيه فتركه لا يضمن، وهو أحد الوجهين في الروضة وأصلها بلا ترجيح صححه الأذرعي، وفرق بحرمة الروح، قال: والظاهر أن محل الوجهين فيما لا يشرب بعروقه وفيما لم ينهه عن سقيه. وإن أودعه حنطة أو أرزا أو نحو ذلك فوقع فيه السوس لزمه الدفع، فإن تعذر باعه الحاكم، فإن لم يجد تولاه بنفسه وأشهد كما قاله في الأنوار. ولو ترك شخص عند صاحب الخان مثلا حمارا وقال له: احفظه كيلا يخرج فلاحظه فخرج في بعض غفلاته لم يضمنه لأنه لم يقصر في الحفظ المعتاد. (وعلى المودع) بفتح الدال، (تعريض ثياب الصوف) ونحوه، كشعر ووبر وخز مركب من حرير وصوف ولبد، وكذا بسط وأكسية وإن لم تسم ثيابا عرفا، (للريح كيلا يفسدها الدود، وكذا) عليه أيضا (لبسها) بنفسه إن لاق به (عند حاجتها) لتعبق بها رائحة الآدمي فتدفع الدود، فإن لم يفعل ففسدت ضمن سواء أمره المالك أم سكت، فإن نهاه المالك عن ذلك أو لم يعلم بها الوديع كأن كانت في صندوق مقفل فلا ضمان. أما ما لا يليق به لبسه لضيقه أو صغره أو نحو ذلك، فالظاهر كما قاله الأذرعي أنه يلبسه من يليق به لبسه بهذا القصد قدر الحاجة ويلاحظه. ولو كان لا يجوز له لبسه، كأن كان خزا مركبا من صوف وحرير والأكثر حرير ولم يجد من يلبسه ممن يجوز له لبسه أو وجد ولم يرض إلا أجرة هل يجوز له لبسه؟ لم أر من ذكره، والظاهر الجواز. ولو كانت ثياب الصوف كثيرة يحتاج لبسها إلى طول زمن يقابل بأجرة هل
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460