مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٧٦
الفاسق فيما تركه لولده من المال فإنه مسلوب الولاية على المذهب. (ويشترط) في الموصى (في أمر الأطفال) والمجانين، وكذا السفهاء الذين بلغوا كذلك (مع هذا) السابق من حرية وتكليف (أن يكون له) أي الموصى (ولاية) مبتدأة من الشرع (عليهم) أي من ذكر لا بتقويض، فتثبت الوصاية للأب والجد وإن علا، ويخرج الأخ والعم والوصي والقيم، وكذا الأب والجد إذا نصبهما الحاكم في مال من طرأ سفهه، لأن وليه الحاكم دونهما في الأصح، وتخرج الأم أيضا على المذهب. (وليس لوصي) في وصية مطلقة بأن لم يؤذن فيها للوصي أن يوصي (إيصاء) إلى غيره، إذ الولي لم يرض بتصرف الثاني، وقياسا على الوكيل. (فإن أذن له) بالبناء للمفعول بخطه، (فيه) أي الايصاء عن نفسه، أو عن الموصى، أو مطلقا، (جاز في الأظهر) لكنه في الثالثة إنما يوصي عن الموصي كما اقتضاه كلام القاضي أبي الطيب وابن الصباغ وغيرهما، فإذا قال له: أوص بتركتي فلانا أو من شئت فأوصى بها صح، لأن للأب أن يوصي له فله أن يستنيب في الوصايا كما في الوكالة. ولو لم يضف التركة إلى نفسه بأن قال: أوص من شئت فأوصى شخصا لم يصح الايصاء، ومقابل الأظهر لا يجوز له أن يوصي ببطلان إذنه بالموت.
تنبيه: لو قال لوصيه: أوصيت إلى من أوصيت إليه إن مت أنت أو إذا مت أنت فوصيك وصي لم يصح، لأن الموصى إليه مجهول، وإذا عين له الوصي ومات من غير إيصاء كان للحاكم أن ينصب غيره في أحد وجهين رجحه بعض المتأخرين. (ولو قال: أوصيت إليك إلى بلوغ ابني) فلان (أو) إلى (قدوم زيد) مثلا، (فإذا بلغ) ابني (أو قدم) زيد (فهو الوصي جاز) هذا الايصاء، واغتفر فيه التأقيت في قوله: إلى بلوغ ابني أو قدوم زيد، والتعليق في قوله: فإذا بلغ أو قدم فهو الوصي. ولو أخرج هذه المسألة وذكرها بعد قوله: ويجوز فيه التوقيت والتعليق كان أنسب فإنها مثال لهما. قال الأذرعي: فلو قدم زيد وهو غير أهل فهل تبقى ولاية الوصي ويكون المراد إن قدم أهلا لذلك أو لا وتكون ولايته مغياة بذلك فتنتقل إلى الحاكم؟ لم أر فيه شيئا، ويحتمل أن يفرق بين الجاهل بالوصية إلى غير المتأهل لها وغيره اه‍. والظاهر كما قال شيخنا أنها مغياة بذلك. وللأب الوصية إلى غير الجد في حياته، وهو بصفة الولاية، ويكون أولى من الجد إلا في أمر الأطفال ونحوهم كما قال: (ولا يجوز) للأب على الصحيح (نصب وصي) على الأطفال ونحوهم (والجدحي) حاضر (بصفة الولاية) عليهم، لأن ولايته ثابتة شرعا فليس له نقل الولاية عنه كولاية التزويج. أما إذا كان الجد غائبا فقال الزركشي: ولو أراد الأب الايصاء بالتصرف عليهم إلى حضوره، فقياس ما قالوه في تعليق الوصية على البلوغ الجواز، ويحتمل المنع لأن الغيبة لا تمنع حق الولاية اه‍. وهذا كما قال شيخي هو الظاهر. قال البلقيني: ولو أوصى إلى أجنبي مع وجود الجد بصفة الولاية ثم مات الجد أو فسق أو جن عند الموت صح. قال الزركشي: ولو أوصى إلى غير الجد لكونه ليس بصفة الولاية ثم تأهل عند موت ولده، فالظاهر انعزال الوصي اه‍. وما قالاه ظاهر لأن الاعتبار بوجود ذلك عند الموت كما مر. قال القاضي أبو الفرج: لو استلحق الخنثى غيره ولم يصرح ببنوة الظهر ولا البطن لحقه. فإذا حدث للولد أولاد فأوصى عليهم أجنبيا مع وجود والده المستلحق صحت وصيته وجها واحدا اه‍. أي لأنه لم يتحقق أنه أبوه.
تنبيه: إذا لم يوص الأب أحد فالجد أولى من الحاكم بقضاء الديون وأمر الأولاد ونحوهما، إلا في تنفيذ الوصايا فالحاكم أولى كما قاله البغوي، وجرى عليه ابن المقري. ثم شرع في الركن الثالث وهو الموصى فيه، فقال: (ولا) يجوز (الايصاء بتزويج طفل وبنت) مع وجود الجد وعدمه وعدم الأولياء، واحتج البيهقي له بحديث: السلطان ولي من لا ولي له ولان الوصي لا يتغير بدخول الدني في نسبهم، ولان البالغين لا وصاية في حقهم. والصغير والصغيرة
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460