مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤٠٢
سكناها إلى انقضاء عدتها لقوله تعالى: * (أسكنوهن من حيث سكنتم) * وقوله تعالى: * (لا تخرجوهن من بيوتهن) * أي بيوت أزواجهن، وأضافها إليهن للسكنى، إذ لو كانت إضافة ملك لم تختص بالمطلقات. ولو أسقطت مؤنة المسكن عن الزوج لم تسقط كما في فتاوي المصنف لأنها تجب يوما بيوم، ولا يصح إسقاط ما لم يجب.
تنبيه: أفهم تقييده بالمعتدة عن طلاق أنه لا سكنى لمعتدة عن وطئ شبهة ولو في نكاح فاسد ولا لام ولد إن أعتقت، وهو كذلك. ثم استثنى من المعتدة قوله: (إلا ناشزة) سواء كان ذلك قبل طلاقها كما صرح به القاضي وغيره، أم في أثناء العدة كما صرح به المتولي: فإنها لا سكنى لها في العدة، فإن عادت إلى الطاعة عاد حق السكنى كما صرح به المتولي في مسألته، وإلا صغيرة لا تحتمل الجماع فإنه لا سكنى لها بناء على الأصح أنها لا تستحق النفقة حالة النكاح. والأمة لا نفقة لها على زوجها كالمسلمة ليلا فقط أو نهارا كما مر ذلك في فصل نكاح العبد، وإلا من وجبت العدة بقولها، بأن طلقت ثم أقرت بالإصابة وأنكرها الزوج فلا نفقة لها ولا سكنى وعليها العدة. فإن قيل: لا وجه لاستثناء الصغيرة من ذلك، إذ الكلام في سكنى المعتدة، والصغيرة لا عدة عليها. أجيب بأنه يتصور ذلك باستدخالها ماء الزوج وإن كان فيه بعد. (و) يجب السكنى أيضا (لمعتدة وفاة في الأظهر)، لامره (ص) فريعة - بضم الفاء - بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري لما قتل زوجها أن تمكث في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله، فاعتدت فيه أربعة أشهر وعشرا، صححه الترمذي وغيره، والثاني: لا سكنى لها كما لا نفقة لها، وأجاب الأول بأن السكنى لصيانة مائة، وهي موجودة بعد الوفاة كالحياة والنفقة، لسلطته عليها وقد انقطعت، وبأن النفقة حقها فسقطت إلى الميراث، والسكنى حق الله تعالى فلم تسقط.
تنبيه: محل الخلاف ما إذا لم يطلقها قبل الوفاة رجعيا، وإلا لم تسقط قطعا لأنها استحقتها بالطلاق فلم تسقط الموت كما حكاه في المطلب عن الأصحاب، لكن حكى الجرجاني طرد القولين فيها، وعليه يأتي إطلاق المصنف. (و) يجب أيضا لمعتدة (فسخ) بعيب أو ردة أو إسلام أو رضاع (على المذهب) لأنها معتدة عن نكاح صحيح بفرقة في الحياة فأشبهت المطلقة تحصينا للماء. والطريق الثاني على قولين كالمعتدة عن وفاة.
تنبيه: سكت المصنف عن استثناء الناشزة في عدة الوفاة وعدة الفسخ مع أن حكمها كالناشزة في عدة الطلاق كما صرح به القاضي والمتولي فيمت مات عنها ناشزا، فلو أخر قوله: إلا ناشزة إلى هنا لشمل ذلك، وشمل إطلاقه الملاعنة. والذي في الروضة نقلا عن البغوي أنها تستحق قطعا، وحيث لا تجب السكنى لمعتدة فللزوج إسكانها حفظا لمائه، ويقوم وارثه مقامه وعليها الإجابة، وحيث لا تركة للميت لم يجب إسكانها، فإن تبرع الوارث بالسكنى لزمتها الإجابة لأن له غرضا في صون ماء مورثه، وغير الوارث كالوارث كما قاله الروياني تبعا للماوردي. فإن قيل: ينبغي عدم اللزوم كما لو تبرع أجنبي بوفاء دين ميت أو مفلس لم يلزم الدائن قبوله بخلاف الوارث، وبأن اللزوم فيه تحمل منة مع كون الأجنبي لا غرض له صحيح في صون ماء الميت. أجيب عن الأول بأن ملازمة المعتدة للمسكن حق الله تعالى لا بدل له فيجب فيه القبول، وإلا فيلزم تعطيله، وبأن حفظ ماء الانسان من المهمات المطلوبة بخلاف أداء الدين. وعن الثاني بأنه إنما يصح إذا كان التبرع عليها، وليس كذلك، وإنما هو على الميت، فإذا لم يوجد متبرع سن للإمام حيث لا تركة إسكانها من بيت المال لا سيما إن كانت متهمة بريبة، وإن لم يسكنها أحد سكنت حيث شاءت. (و) إذا وجبت السكنى فإنما (تسكن) بضم أوله بخطه: أي المعتدة حتما، (في مسكن) مستحق للزوج لائق بها (كانت فيه عند الفرقة) بموت أو غيره، للآية وحديث فريعة السابقين. (وليس للزوج وغيره إخراجها، ولا لها خروج) منه وإن رضي به الزوج إلا لعذر كما سيأتي، لأن في العدة حق الله تعالى، والحق الذي لله تعالى لا يسقط بالتراضي - بالضاد - وقد قال تعالى: * (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن) *.
(٤٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460