مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٩٠
إلا بهذه الأمور الثلاثة.
تنبيه: تعبيره بالظن يقتضي أنه لا يشترط تحققه، وهو الأصح. وخرج بعاجلا ما لو قال: لأقتلنك غدا فليس بإكراه، وبظلما ما لو قال ولي القصاص للجاني: طلقها وإلا اقتصصت منك لم يكن إكراها. (ويحصل) الاكراه (بتخويف بضرب شديد أو) ب‍ (حبس) طويل كما نقله الشامل عن النص، (أو إتلاف مال). وقوله: (ونحوها) من زيادته، أي مما يؤثر العاقل لأجله الاقدام على ما أكره عليه. ويختلف الاكراه باختلاف الاشخاص والأسباب المكره عليها، فقد يكون الشئ إكراها في شخص دون آخر، وفي سبب دون آخر، فالاكراه بإتلاف مال يضيق على المكره - بفتح الراء - كخمسة دراهم في حق الموسر ليس بإكراه على الطلاق، لأن الانسان يتحمله، ولا يطلق بخلاف المال الذي يضيق عليه. والحبس في الوجيه إكراه وإن قل كما قاله الأذرعي. والضرب اليسير في أهل المروءات إكراه.
والتهديد بقتل أصله وإن علا أو فرعه وإن سفل إكراه، بخلاف ابن العم ونحوه، بل يختلف ذلك باختلاف الناس كما مر. ( وقيل: يشترط) في الاكراه (قتل) لنفسه لأن ما دونه يدوم معه النظر والاختيار. (وقيل: يشترط) فيه (قتل) لنفسه (أو قطع) لطرفه (أو ضرب مخوف) لافضائه إلى القتل ولا يحصل الاكراه بطلق زوجتك وإلا قتلت نفسي أو كفرت أو أبطلت صومي أو صلاتي. قال الأذرعي: في وإلا قتلت نفسي كذا أطلقوه، ويظهر عدم الوقوع إذا قاله من لو هدد بقتله كان مكرها كالولد اه‍. وهو حسن. (ولا تشترط) في عدم وقوع طلاق المكره (التورية) وهي من ورى، أي جعل البيان وراءه. (بأن) أي كأن (ينوي) بقوله: طلقت زينب مثلا (غيرها) أي زوجته. أو ينوي بالطلاق حل الوثاق، أو يقول عقيب اللفظ إن شاء سرا كما قاله في المحرر. وعبارة الروضة وأصلها: أو قال في نفسه إن شاء الله. فإن قيل: لا أثر للتعليق بمشيئة الله تعالى بمجرد النية لا ظاهرا ولا باطنا، بل لا بد من التلفظ به.
أجيب بأن المراد بقوله في نفسه تلفظه بمشيئة الله تعالى سرا بحيث لم يسمعه المكره لا أنه نواه، وأن ما ذكره من اشتراط التلفظ بالتعليق بمشيئة الله تعالى محله في غير المكره، أما هو فيكتفي بقلبه كما نقله الأذرعي عن القاضي الحسين عن الأصحاب. وهي فائدة حسنة. وضابط التورية أن ينوي ما لو صرح به لقبل ولم يقع الطلاق، وهذا لو عبر المصنف بقوله: كأن بالكاف كما حولت به عبارته لكان أولى، وهذا يقع في كلام الشيخين كثيرا، وفيه تساهل.
(وقيل: إن تركها) أي التورية (بلا عذر) له (وقع) لاشعاره بالاختيار، فإن تركها لعذر كدهشة لم يقع قطعا كما قاله في المحرر.
فرع: لو قال له اللصوص: لا نخليك حتى تحلف بالطلاق أنك لا تخبر بنا فحلف بذلك فهو إكراه منهم له على الحلف، فإذا أخبر بهم لم يقع عليه طلاق. ولو أكره ظالم شخصا أن يدله على زيد مثلا أو ماله وقد أنكر معرفة محله فلم يخله حتى يحلف له بالطلاق فحلف به كاذبا أنه لا يعلمه طلقت، لأنه في الحقيقة لم يكره على الطلاق بين خير وبينه وبين الدلالة. ولو قال: طلقت مكرها فأنكرت زوجته وهناك قرينة كالحبس فالقول قوله بيمينه وإلا فلا. ولو ادعى الصبا بعد طلاقه وأمكن صدقه صدق بيمينه. فإن قيل: قد جزموا في الايمان بعدم تصديق مدعي عدم قصد الطلاق والعتاق ظاهرا لتعلق حق الغير بهما، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن ما ذكر هناك لا يشبه هذا، فإن الزوج تلفظ تم بصريح الطلاق ثم ادعى صرفه بعدم القصد، والمدعى هنا طلاق مقيد (ومن أثم بمزيل عقله بحاله لا يصح فيها الطلاق فقبل قوله لعدم مخالفته الظاهر من شراب) خمر أو غيره، (أو دواء) بنبيذ أو غيره، (نفذ طلاقه وتصرفه له) قولا وفعلا، (و) نفذ أيضا تصرفه (عليه قولا وفعلا) كإسلام وردة وقطع وقتل، (على المذهب) المنصوص. أما السكران
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460