مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٨٨
لسانه بالطلاق لتعلق حق الغير به، ولان الظاهر الغالب أن البالغ العاقل لا يتكلم بكلام إلا ويقصده. (إلا بقرينة) كأن دعاها بعد طهرها من الحيض إلى فراشه وأراد أن يقول: أنت الآن ظاهرة، فسبق لسانه فقال: أنت اليوم طالقة.
تنبيه: لو ظنت صدقه في دعواه السبق فلها قبول قوله، وكذا للشهود أن لا يشهدوا عليه بالطلاق كما ذكره في أصل الروضة هنا، وذكر أواخر الطلاق أنه لو سمع لفظ رجل بالطلاق وتحقق أنه سبق لسانه إليه لم يكن له أن يشهد عليه بمطلق الطلاق، وكان ما هنا فيما إذا ظنوا وما هناك فيما إذا تحققوا كما يفهمه كلامه. قال شيخنا: ومع ذلك فيما هنا نظر اه‍. والأولى إلحاق ما هنا بما هناك كما قاله بعض المتأخرين. (ولو كان اسمها طالقا فقال) لها (يا طالق) بضم القاف بخطه، (وقصد النداء لم تطلق) جزما لأنه صرفه عن معناه، وكونها اسمها كذلك قرينة تسوغ تصديقه.
تنبيه: المراد قصد ندائها باسمها وإلا فنداؤها مقصود، وإن أراد الطلاق، (وكذا إن أطلق) بأن لم يقصد شيئا وكان اسمها ذلك عند النداء لم تطلق أيضا (في الأصح) حملا على النداء، ولأنه لم يقصد الطلاق واللفظ هنا مشترك والأصل دوام النكاح. أما إذا كان اسمها ذلك ثم غير إلى غيره ثم خطابها به بعد التغيير طلقت عند الاطلاق كما ذكره الرافعي في نظير المسألة من العتق في نداء عبده المسمى بحر يا حر. (وإن كان اسمها طارقا أو طالبا) أو طالعا أو نحوها من الأسماء التي تقارب حروف طالق، (فقال) لها: يا طالق، وقال: أردت (النداء) لها باسمها (فالتف) بلساني (الحرف، صدق) ظاهرا لظهور القرينة. (ولو خاطبها بطلاق) لها (هازلا) وهو قصد اللفظ دون معناه، (أو لاعبا) بأن لم يقصد شيئا لقولها له في معرض دلال أو ملاعبة أو استهزاء: طلقني فيقول لها لاعبا أو مستهزئا: طلقتك. (أو) خاطبها بطلاق (وهو يظنها أجنبية) ويصدق ذلك بصور: إما (بأن كانت في ظلمة) أو من وراء حجاب، (أو) بأن (نكحها) له (وليه أو وكيله ولم يعلم) بالنكاح أو نسيه أو نحو ذلك، (وقع الطلاق). أما في الأوليين فلانه أتى باللفظ عن قصد واختيار وعدم رضاه بوقوعه لظنه أنه لا يقع لا أثر له لخطأ ظنه، وفي حديث حسنه الترمذي وقال الحاكم: صحيح الاسناد: ثلاث جدهن جد وهزلهن جد:
الطلاق، والنكاح، والرجعة. قال البغوي: وخص في الحديث الثلاث لتأكد أمر الفرج وإن كان البيع وسائر التصرفات تنعقد بالهزل على الأصح اه‍. وأما فيما بعدهما فلانه أوقع الطلاق في محله وظن غير الواقع لا يدفعه.
تنبيه: عطف المصنف اللعب على الهزل يقتضي تغايرهما، وكلام أهل اللغة يقتضي ترادفهما، قال الزمخشري في الفائق: الهزل واللعب من وادي الاضطراب. وعبارة المحرر: على سبيل اللعب والهزل، وهي تقتضي اتحادهما، والذي يشهد له الاستعمال أن الهزل يختص بالكلام واللعب أعم، وظاهر إطلاق المصنف الوقوع أنه يقع ظاهرا وباطنا، لكن قضية كلام الروضة أنه لا يقع في مسألة الظن باطنا، وهو الظاهر وإن قال الأذرعي قضية كلام الروياني أن المذهب الوقوع باطنا. ولو نسي أن له زوجة فقال: زوجتي طالق طلقت كما نقلاه عن النص وأقراه. وما جزم به المصنف من وقوع الطلاق فيما إذا ظنها أجنبية يتشكل عليه مسألة ذكرها الخوارزمي في الكافي، فقال: رجل تزوج امرأة في الرستاق فذهبت إلى البلد وهو لا يعلم، فقيل له: ألك زوجة في البلد؟ وهو لا يعلم، فقال: إن كان لي زوجة في البلد فهي طالق وكانت هي في البلد، فعلى قول حنث الناسي. قال البلقيني: وأكثر ما يلمح في الفرق بينهما صورة التعليق.
ولو كان واعظا مثلا وطلب من الحاضرين شيئا فلم يعطوه، فقال متضجرا منهم: طلقتكم وفيهم امرأته ولم يعلم بها لم تطلق كما بحثه في أصل الروضة بعد نقله عن الإمام أنه أفتى بخلافه، قال المصنف: لأنه لم يقصد معنى الطلاق، ولأن النساء لا يدخلن في خطاب الرجال إلا بدليل، واعترض عليه بمنع أنه لم يقصد معنى الطلاق، إذ معناه الفرقة وقد
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460