مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٧٨
تحريما مؤبدا بالاجماع، ولان الوطئ بملك اليمين نازل منزلة عقد النكاح. (وكذا الموطوءة) الحية (بشبهة في حقه) كأن ظنها زوجته أو أمته أو وطئ بفاسد شراء أو نكاح تحرم عليه أمهاتها وبناتها. وتحرم على آبائه وأبنائه، كما يثبت في هذا الوطئ النسب ويوجب العدة، وسواء كانت كما ظن أم لا. (قيل: أو حقها) بأن ظنته كما ظن مع علمه بالحال. وحاصل هذا الوجه أنه يكتفي بقيام الشبهة من أحد الجانبين. أما الميتة فلا تثبت حرمة المصاهرة بوطئها كما جزم به الرافعي في الرضاع، وأما الخنثى فلا تثبت حرمة المصاهرة بوطئه لاحتمال كون العضو زائدا، قاله أبو الفتوح.
تنبيه: قد يشعر تشبيه وطئ الشبهة بملك اليمين أن وطئ الشبهة يوجب التحريم والمحرمية، وليس مرادا، بل التحريم فقط فلا يحل للواطئ بشبهة النظر إلى أم الموطوءة وبنتها ولا الخلوة والمسافرة بهما ولا مسهما كالموطوءة بل أولى، فلو تزوجها بعد ذلك ودخل بها ثبتت المحرمية أيضا كما يقتضيه كلامهم، وما صححه من عدم تأثيره في حقها هو بالنسبة للتحريم لا المهر. وتحقيق أحكام هذه المسألة أن شبهة الواطئ فقط تثبت حرمة المصاهرة والنسب والعدة لا المهر، وشبهة الموطوءة فقط توجب المهر فقط لا المصاهرة والعدة والنسب. ودخل تحت قوله: في حقه صورتان: الشبهة في حق الزوجة والزوج معا، وفي حق الزوج فقط، وخرج عنه صورتان: شبهتها فقط وعدم شبهته. (لا المزني بها) فلا يثبت بزناها حرمة المصاهرة، فللزاني أم من زنى بها وبنتها ولابنة وأبيه نكاحها هي، لأن الله تعالى أمتن على عباده بالنسب والصهر فلا يثبت بالزنا كالنسب.
تنبيه: استثني زنا المجنون فإنه يثبت به المصاهرة، ولا حاجة إليه كما قال ابن شهبة، فإن الصادر من المجنون صورة زنا لا زنا حقيقة، لأنه ليس عليه إثم ولا حد. ولو لاط شخص بغلام لم يحرم على الفاعل أم الغلام وبنته. (وليست مباشرة) كلمس وقبلة (بشهوة) في زوجة وأمة أو أجنبية، لكن بشبهة كما لو مس امرأة على فراشه ظنها زوجته. (كوطئ في الأظهر) لأنها لا توجب العدة فكذا لا توجب الحرمة. والثاني: أنها كالوطئ، بجامع التلذذ بالمرأة، ولأنه استمتاع يوجب الفدية على المحرم فكان كالوطئ، وبهذا قال جمهور العلماء.
تنبيه: تقييد الشهوة من زيادته على المحرر، قال في الدقائق: ولا بد منه، أما اللمس بغيرها فلا أثر له في التحريم عند المعظم. قال الزركشي: ويرد على المصنف لمس الأب جارية ابنه فإنها تحرم لما له من الشبهة في ملكه، أي فيجري فيها الخلاف، بخلاف لمس الزوجة، ذكره الإمام. وتثبت العدة والمصاهرة والنسب فقط باستدخال ماء زوج، وكذا أجنبي أو سيد بشبهة دون الاحصان والتحليل وتقرير المهر ووجوبه للمفوضة والغسل والمهر في صورة الشبهة. واختلف في ثبوت الرجعة بذلك، والذي جزم به ابن المقري هنا تبعا لاصله عدم ثبوتها، وهو مخالف لجزمهما بثبوتها في الكلام على التحليل وعلى الفسخ بالعنة، وعليه اقتصر في الشرح الصغير، وهو الأصح كما في المهمات، قال: ونقل الماوردي عن بعض الأصحاب أنه يشترط في التحريم باستدخال ماء الزوج وجود الزوجية حال الانزال والاستدخال. ومقتضاه أنه يشترط في ماء الأجنبي قيام الشبهة في الحالين، والمراد من ذلك أن يكون الماء محترما فيهما، ولا يثبت ذلك ولا غيره باستدخال ما زنا الزوج أو السيد. وعند البغوي يثبت جميع ذلك كما لو وطئ زوجته يظن أنه يزني بها. وأجيب بأن الوطئ في زوجته بظنه المذكور ليس زنا في نفس الامر بخلافه في مسألتنا. (ولو اختلطت) امرأة (محرم) لشخص من نسب أو رضاع أو مصاهرة أو محرمة عليه بلعان أو نفي أو توثن أو غيرها كما صرح به الجرجاني، (بنسوة قرية كبيرة) غير محصورات، (نكح منهن) جوازا باجتهاد وغيره، لأنا لو منعناه لتضرر بالسفر، وربما انحسم عليه باب النكاح، فإنه وإن سافر إلى بلدة أخرى لم يؤمن مسافرتها إليها، وهذا كما لو اختلط صيد مملوك بصيود مباحة غير محصورة لا يحرم الاصطياد.
تنبيه: قضية قوله: نكح منهن أنه لا ينكح الجميع، وبه جزم الجرجاني. وهل ينكح إلى أن تبقى واحدة أو إلى أن يبقى عدد محصور؟ حكى الروياني عن والده فيه احتمالين، وقال: الأقيس عندي الثاني اه‍. وهذا هو الأوجه. وفرق
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460