أم زوجته، وإن كانت البنت فلا تحرم أبدا، لأنها ربيبة امرأة لم يدخل بها إلا إن كان قد وطئ الأم، لأنها حينئذ بنت موطوءته. ثم شرع في القسم الثاني، وهو ما لا يتأبد تحريمه، وهي ثلاثة أنواع، وقد بدأ بالأول منها. فقال:
(ويحرم) ابتداء دواما (جمع) امرأتين بينهما قرابة أو رضاع، لو فرضت إحداهما ذكرا حرم تناكحهما، كجمع (المرأة وأختها أو عمتها أو خالتها من رضاع أو نسب) ولو بواسطة، لقوله تعالى: * (وأن تجمعوا بين الأختين) *، ولخبر:
لا تنكح المرأة على عمتها ولا العمة على بنت أخيها ولا المرأة على خالتها ولا الخالة على بنت أختها لا الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى رواه الترمذي وغيره وصححوه، ولما فيه من قطعية الرحم. وإن رضيت بذلك فإن الطبع يتغير، وإليه أشار (ص) في خبر النهي عن ذلك بقوله: إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامهن كما رواه ابن حبان وغيره. (فإن) خالف (جمع) بين من يحرم الجمع بينهما كأختين (بعقد بطل) نكاحهما إذ لا أولوية لإحداهما عن الأخرى، (أو مرتبا ف) - الأول صحيح، (والثاني) باطل، لأن الجمع حصل به، هذا إذا علم عين السابق، فإن لم يعلم بطلا، وإن علم ثم اشتبه وجب التوقف كما في نكاح الوليين من اثنين، فإن وطئ الثانية جاهلا بالحكم استحب أن لا يطأ الأولى حتى تنقضي عدة الموطوءة، وخرج بالرضاع والنسب الجمع بالمصاهرة، فجمع المرأة وأم زوجها أو بنته من أخرى لا يحرم، لأن حرمة الجمع بينهما وإن حصلت بفرض أم الزوج ذكرا في الأولى وبفرض بنته ذكرا في الثانية لكن ليس بينهما قرابة ولا رضاع بل مصاهرة، وليس فيها رحم يحذر قطعها. قال الرافعي: وقد يستغنى عن قيد القرابة والرضاع بأن يقال: يحرم الجمع بين كل امرأتين أيتهما قدرت ذكرا حرمت عليه الأخرى، فإن أم الزوج وإن حرمت عليها زوجة الابن لو قدرت ذكرا لكن زوجة الابن لو قدرت ذكرا لم تحرم عليه الأخرى بل تكون أجنبية عنه اه. فإن قيل: يرد على هذا السيدة وأمتها لصدق الضابط بهما مع جواز الجمع بينهما لعبد، وكذا الحر إذا تزوج أمة بشروطه ثم نكح حرة عليها. أجيب بأن المتبادر بقرينة المقام من التحريم المؤبد المقتضي لمنع النكاح فتخرج هذه، لأن التحريم فيها قد يزول. وبأن السيدة لو فرضت ذكرا حل له وطئ أمته بالملك، وإن لم يحل له نكاحها. ويجوز الجمع بين بنت الرجل وربيبته وبين المرأة وربيبة زوجها من امرأة أخرى وبين أخت الرجل من أمه وأخته من أبيه إذ لا تحرم المناكحة بتقدير ذكورة إحداهما، ولو اشترى زوجته الأمة جاز له أن يتزوج أختها وأربعا سواها، لأن ذلك الفراش قد انقطع. (ومن حرم جمعهما بنكاح، حرم) جمعهما أيضا (في الوطئ بملك) أو ملك ونكاح وإن لم يعلم من كلامه، لأنه إذا حرم العقد فلان يحرم الوطئ أولى لأنه أقوى (لا ملكهما) أي الجمع بينهما في الملك كشراء أختين وامرأة وخالتها فإنه جائز بالاجماع، ولأنه لا يتعين للوطئ، ولهذا يجوز أن يشتري أخته ونحوها بخلاف النكاح. (فإن وطئ) طائعا أو مكرها (واحدة) منهما ولو في الدبر أو مكرهة أو جاهلة، (حرمت الأخرى حتى يحرم الأولى) بمحرم، (كبيع) وعتق لكلها أو بعضها، (أو نكاح) أي تزويجها، (أو كتابة) صحيحة، لئلا يحصل الجمع المنهي عنه، فإن وطئ الثانية قبل تحريم الأولى أثم ولم تحرم الأولى إذ الحرام لا يحرم الحلال، لكن يستحب أن لا يطأ الأولى حتى يستبرئ الثانية لئلا يجمع الماء في رحم أختين (لا حيض وإحرام) وردة، فإنها لا تزيل الملك ولا الاستحقاق. (وكذا رهن) مقبوض (في الأصح) لأنه يملك الوطئ بإذن المرتهن. والثاني: يكفي الرهن كالتزويج. فإن لم يكن قبض لم تحل الثانية جزما. فلو عاد الحل برد المبيعة وطلاق المنكوحة وعجز المكاتبة فإن لم يطأ الثانية بعد فله الآن وطئ من شاء منهما. وإن كان قد وطئها لم يطأ العائد حتى تحرم الأخرى، لأن الثانية في هذه الحالة كالأولى.
تنبيه: يشترط أن تكون كل منهما مباحة على انفرادها، فلو كانت إحداهما مجوسية أو نحوها كمحرم فوطئها جاز له وطئ الأخرى. نعم لو ملك أما وبنتها فوطئ إحداهما حرمت الأخرى مؤبدا كما علم مما مر. ولو باع الموطوءة بشرط