صوما. أي صمتا، وفي قراءة أبي بن كعب (إني نذرت للرحمن صوما صما) والذي تتابعت به الاخبار عن أهل الحديث أن الصوم هو الصمت، لأن الصوم إمساك عن الاكل، والصمت إمساك عن الكلام وقوله تعالى (فأشارت إليه) دليل عليه أن مريم التزمت ما أمرت به من ترك الكلام. ولم يرد في هذه الآية أنها نطقت ب (إني نذرت للرحمن صوما) وإنما ورد بأنها أشارت، فيقوى بهذا قول من قال إن أمرها ب (قولي) إنما أريد به الإشارة.
أما حديث (لا يحل لمسلم) الخ فقد أخرجه البخاري في الأدب عن أبي أيوب الأنصاري من طريق عبد الله بن يوسف، وفي الاستئذان عن علي عند مسلم، وفي الأدب عن أبي أيوب من طريق بن يحيى بن يحيى في سنن أبي داود، وعن أبي أيوب عند الترمذي في البر من طريق محمد بن يحيى وفي الموطأ عن أبي أيوب من طريق ابن شهاب.
أما الأحكام فقد اختلف علماء الشرع فيمن حلف ألا يكلم إنسانا فكتب إليه كتابا أو أرسل إليه رسولا، فقال مالك إنه يحنث الا أن ينوى مشافهته، ثم رجع فقال لا ينوى في الكتاب ويحنث الا أن يرتجع الكتاب قبل وصوله قال ابن القاسم: إذا قرأ كتابه حنث، وكذلك لو قرأ الحالف كتاب المحلوف عليه.
وقال أشهب، لا يحنث إذا قرأه الحالف، وهذا بين، لأنه لم يكلمه ولا ابتدأه بكلام. الا أن يريد ألا يعلم معنى كلامه فإنه يحنث، وعليه يخرج قول ابن القاسم هكذا قال المالكية. فإن حلف ليكلمنه لم يبر الا بمشافهته وقال ابن الماجشون: وان حلف لئن علم كذا ليعلمنه أو ليخبرنه فكتب إليه أو أرسل إليه رسولا بر ولو علماه جميعا لم يبر حتى يعلمه، لان علمهما مختلف.
واتفق مالك والشافعي وأهل الكوفة أن الأخرس إذا كتب الطلاق بيده لزمه. وقال الكوفيون الا أن يكون رجل أصمت أياما فكتب لم يجز من ذلك شئ.
قال الطحاوي، الأخرس مخالف للصمت العارض، كما أن العجز عن الجماع